BLOG

أستراليا: اللاعب المهيمن على سوق الحبوب

07 رمضان 14418 دقيقة للقراءة

«تبرز أستراليا كواحدة من أكبر منتجي ومصدّري الحبوب في العالم. حيث يتم إنتاج ما يصل إلى 40 مليون طن من الحبوب في البلاد عندما تكون الظروف الموسمية جيدة. ويُعد القمح، الذي يشكل 57 بالمائة من صادرات الحبوب الأسترالية من حيث الدخل، المنتج الأكثر أهمية. ويتم سنوياً تصدير أكثر من 60 بالمائة من إجمالي إنتاج القمح. على الرغم من أن أستراليا منتج صغير نسبيًا للقمح ولا يمثل إنتاجها سوى 3٪ من إنتاج القمح العالمي، إلا أنها تلبي 15٪ من صادرات القمح العالمية. هذا الرقم يجعلها لاعباً مهمًا في سوق التصدير.»

إن أستراليا، الدولة القارة، هي سادس أكبر دولة في العالم. وتقع بين المحيطين الهندي والهادئ، وهي دولة من قومية واحدة، تحكم القارة بأسرها. يبلغ تعداد سكان أسترالي حوالي 24 مليون نسمة. ويتركز معظم السكان في جنوب شرق البلاد. وهذه المنطقة من أكثر المناطق استقراراً من الناحية الاقتصادية وتعد أستراليا من الدول الصناعية، والأكثر تنوعاً من الناحية العِرقية. يعيش 70 بالمائة من السكان على 24 بالمائة من أراضيها. و78 بالمائة من السكان حضريون.

تتميز أستراليا بأن لديها أقوى الاقتصادات في العالم، ولديها قوة عاملة فائقة المهارة، وهي دولة مستقرة، وديمقراطية، ومتنوعة الثقافات. شهد الاقتصاد الأسترالي نمواً مستمراً دون انقطاع على مدى السنوات الـ 26 الماضية. وتتمتع بواحد من أعلى معدلات النمو في العالم المتقدم، واقتصادها في الترتيب 13 على العالم. تستفيد الدولة من صادراتها من المنتجات الزراعية واسعة النطاق ومن قطاعها المالي القوي. يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 ٪ و 2.6 ٪ لعامي 2020 و 2021، خاصة مع توقعات بأن يتعافى استهلاك الأسرة بعد التعزيز المتواصل في سوق القوة العاملة في البلاد.

تساهم الصناعة الزراعية الأسترالية بحوالي 60 مليار دولار في اقتصاد البلاد. وتشكل الزراعة 2.5٪ من إجمالي القوى العاملة، وتساهم بنسبة 2.5٪ في الناتج المحلي الإجمالي. بالإضافة لذلك، يُعد القطاع الزراعي من أهم البنود الصناعية من أجل التصدير. وأستراليا بلد زراعي يوجد فيه أراض واسعة، وتُعتبر واحدة من أكبر المصدرين في العالم للصوف واللحوم والقمح والقطن.

تبرز أستراليا كواحدة من أكبر منتجي ومصدري الحبوب في العالم. حيث يتم تصدير الحبوب الأسترالية - القمح والشعير والكانولا والشوفان والفاصوليا العريضة - للاستخدام في صناعات المواد الغذائية والأعلاف الحيوانية في جميع أنحاء العالم. ويُعد القمح، الذي يشكل 57 بالمائة من صادرات الحبوب الأسترالية من حيث الدخل، المنتج الأكثر أهمية. بينما يشكل الشعير (10 بالمائة)، والبذور الزيتية (ثمانية بالمائة)، والبقوليات (ستة بالمائة) معظم الإنتاج المتبقي.

عندما تكون الظروف الموسمية جيدة، يمكن لأستراليا إنتاج ما يصل إلى 40 مليون طن من الحبوب. بالإضافة لذلك، فإن إنتاجية وربحية مزارع الحبوب الأسترالية وقدرتها على المنافسة العالمية تتأثر بالتقلبات في المحصول، وتكاليف الإنتاج، وأسعار السلع، وأسعار صرف العملات.

على الرغم من أن أستراليا منتج صغير نسبيًا للقمح ولا يمثل إنتاجها سوى 3٪ من إنتاج القمح العالمي، إلا أنها تلبي 15-18٪ من صادرات القمح العالمية. هذا الرقم يجعلها لاعباً مهمًا في سوق التصدير. تركزت صادرات القمح الأسترالية في أندونيسيا، ومصر، والعراق، واليابان، وآسيا الوسطى، وامتدت في السنوات الآخرى لتصل نحو الصين.

بالإضافة لذلك، تحتاج أستراليا إلى مواصلة إصلاح سلاسل توريد الحبوب حتى تظل قادرة على المنافسة في سوق الحبوب المتزايد. وبحسب تقرير صادر عن مركز ابتكار حبوب التصدير الأسترالية (AEGIC)، انخفضت تكاليف المستخدمين قليلاً أو بقيت ثابتة، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في سلاسل التوريد الأسترالية منذ عام 2014. وصرح البروفيسور روس كينغويل، كبير الخبراء الاقتصاديين في مركز AEGIC، أن تكاليف سلاسل التوريد الأسترالية وإنتاج الحبوب هي أعلى بالمقارنة مع معظم المنافسين، باستثناء كندا التي تكاليف النقل لديها أعلى بسبب بُعد المسافة. ويدلي البروفيسور كينغويل بالملاحظات التالية: «تبلغ تكاليف سلسلة التوريد 30-35٪ من إجمالي تكلفة إنتاج الحبوب في أستراليا، وهذه النسبة هي نفسها تقريباً بين الدول المنافسة. وعلى الرغم من ذلك، فإن منافسين مثل أوكرانيا وروسيا والأرجنتين يستفيدون من انخفاض تكاليف العمالة ونمو الاقتصاد بسبب الزيادات الكبيرة في الإنتاج. في أستراليا، وانخفضت التكاليف الإجمالية لسلسلة التوريد بشكل طفيف أو بقيت ثابتة.»

ينصح البروفيسور كينغويل بضرورة اتخاذ إجراءات لضمان عدم تعرض الحبوب الأسترالية للخطر، ويقول: «يجب أن تكون الحبوب الأسترالية جاذبة للمشترين حول العالم، لذلك يجب أن تظل بسعر مناسب، وأن تكون متناغمة مع الطلبات أو الميزات المطلوبة من قبل المستخدمين النهائيين. وينبغي على صناعة الحبوب الأسترالية التركيز على التصدير إلى الأسواق عالية الربحية في المناطق المجاورة، والتي تزداد أرباحها بشكل متصاعد، وتقديم القمح عالي الجودة مع ميزات لا يمكن للمنافسين نسخها بسهولة أو بثمن قليل».

حصاد القمح الأدنى في العشر سنوات الأخيرة يحظى القمح الأسترالي بتقدير كبير لأدائه الممتاز في مجموعة متنوعة جداً من منتجات المواد الغذائية، وخاصة الشعير والخبز. ويشهد القمح الأسترالي طلباً في الأسواق العالمية، وخاصة من آسيا والشرق الأوسط. حيث يتم تصدير حوالي 65-75٪ من إجمالي إنتاج القمح الأسترالي كل عام. ويستخدم أكثر من 30٪ من القمح الذي تصدره أستراليا لإنتاج النودلز (المكرونة الآسيوية).

تُعتبر المناطق الجنوبية والشرقية التي يُزرع فيها القمح والمعروفة باسم «حزام الحبوب الأسترالي» من أكبر المناطق وأكثرها كثافة في صناعة الحبوب الأسترالية. تنتج أستراليا ما يقرب من 25 مليون طن من القمح سنويًا، وتقابل بذلك 3.5 في المائة من الإنتاج العالمي السنوي. وتٌعد ولايات غرب أستراليا ونيو ساوث ويلز هي الولايات ذات معدلات الإنتاج الأعلى.

بعد أن بدأت الحرائق في أستراليا في شهر سبتمبر 2019، أثرت على ولايتي كوينزلاند وفكتوريا وولايات جنوب أستراليا، وأدت إلى خسائر فادحة في الإنتاج. حيث أثرت الحرائق سلباً على الزراعة في البلاد، وعلى بعض المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان في القارة. يُقدر أن محصول القمح الأسترالي في موسم 2019/20 سيكون عند أدنى مستوى في العقد الماضي، وحوالي 40 بالمائة أقل من متوسط 10 سنوات. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تنخفض صادرات القمح للمرة الثالثة على التوالي هذا العام. وقامت وزارة الزراعة الأمريكية (USAA) بتعديل تقريرها المتعلق بإنتاج القمح الأسترالي في موسم 2019/20 إلى 15.0 مليون طن، بانخفاض 2.3 مليون طن عن كمية المحاصيل الضعيفة نسبياً في العام السابق. أدنى مستوى لشحنات القمح خفضت وزارة الزراعة الأمريكية تقديراتها المتعلقة بصادرات أستراليا من القمح في موسم 2019-20 بسبب انخفاض الحصاد المقدّر، إلى 8.0 مليون طن، بانخفاض قدره 1 مليون طن في موسم 2018/19. ومن المتوقع أن تكون هذه هي السنة الثالثة التي تنخفض فيها الصادرات. وبينما جاءت معظم الصادرات من غرب أستراليا (79 بالمائة) العام الماضي، فمن المتوقع أن تزيد هذا الموسم الشحنات من فيكتوريا وجنوب أستراليا.

بلغت صادرات القمح لموسم 2018/19 في البلاد 9.0 مليون طن، بانخفاض قدره 5.0 مليون طن مقارنة بالعام السابق. وكانت السوق التي شهدت أكبر انخفاض في استلام الشحنات الأسترالية هي أندونيسيا، حيث انخفضت الصادرات إليها بنسبة 62 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.و للمرة الأولى منذ 15 عامًا، لم تكن أندونيسيا في طليعة أسواق القمح المستورد من أستراليا. بالإضافة لذلك، استوردت إندونيسيا من أوكرانيا وكندا والأرجنتين أكثر مما استوردته من أستراليا.

اللاعب المسيطر في سوق الشعير إن أستراليا، اللاعب المهيمن على أسواق تصدير الشعير العالمية، تلبي 30-40 بالمائة من تجارة الشعير الملت، و20 بالمائة من تجارة شعير العلف في العالم. حيث تنتج أستراليا سنوياً ما يقرب من ثمانية ملايين طن من الشعير على أراضي مساحتها أربعة مليون هكتار تقريباً. ويُزرع الشعير على نطاق واسع بالتناوب مع القمح والكينولا والشوفان والبقوليات.

لقد تم تعديل تقديرات وزارة الزراعة الأمريكية المتعلقة بالشعير في أستراليا في موسم 2019/20 لتصبح 8.2 مليون طن، أي أقل بقليل من محصول العام الماضي، و7 بالمائة أقل من متوسط 10 سنوات. وكانت تقديرات صادرات الشعير لموسم 2019/20 أعلى بقليل من مستوى العام الماضي، وصُرح بأنها بحدود 3.8 مليون طن. ومن المتوقع أن يكون العرض القابل للتصدير قريباً من مستويات العام الماضي، بينما من المتوقع أن ينخفض الاستهلاك المحلي قليلاً.

من المتوقع أيضاً أن ينخفض إنتاج الذرة الرفيعة في أستراليا هذا العام نتيجة للانخفاض الحاد في أراضي زراعتها. حيث أدت سنوات من الجفاف في منطقة الذرة الرفيعة الرئيسية في ولايتي جنوب ويلز وجنوب كوينزلاند إلى انخفاض رطوبة التربة في معظم مواسم زراعتها (سبتمبر - يناير)، مما أدى إلى انخفاض حاد في الأراضي المزروعة.

المصدّر الأهم للبقوليات يوفر التنوع المناخي للأراضي الزراعية في أستراليا امكانية إنتاج مجموعة واسعة من البقوليات عالية الجودة. وتُعد البقوليات من العناصر المهمة في الصناعات الزراعية في أستراليا. حيث تنتج أستراليا في المتوسط 2.2 مليون طن من البقوليات على مساحة تبلغ 1.8 مليون هكتار. وتبيّن الدراسات أن هذه المساحة من الممكن أن تزيد في البلاد لتصبح 4.2 مليون هكتار. وتبرز ولايات نيو ساوث ويلز وغرب أستراليا وجنوب أستراليا باعتبارها أكثر المناطق المنتجة للبقوليات في البلاد. ويتم إنتاج مجموعة متنوعة من البقوليات في جميع أنحاء أستراليا، بما فيها البازلاء والفاصوليا والحمّص والعدس والفاصوليا العريضة والفول. ويتم تصدير جزء كبير من البقول الاسترالية إلى الأسواق العالمية.

يُعتبر نمو إنتاج البقوليات أحد مفاتيح الاستدامة في المستقبل لجميع صناعات الحبوب في أستراليا، وذلك نظراً لأهميتها في نظام الحبوب في البلاد. فبالإضافة لكونها خياراً مناسباً للإنتاج الربحي، تساهم البقوليات في نجاح جيمع أعمال المزارع، باعتبارها جزءاً من الإنتاج طويل الأمد.

صناعة الدقيق في أستراليا لقد تم على مدار العقود الماضية تحديث مطاحن الحبوب الأسترالية بشكل كبير. في السبعينيات من القرن السابع عشر، كان في أستراليا أكثر من 500 مطحنة للدقيق تستخدم البخار والماء والرياح مصدراً للطاقة، وكان لمعظم المدن الكبيرة مطحنة دقيق خاصة بها. لكن انخفض هذا العدد بسبب التكنولوجيا المتطورة والمطاحن الكبيرة وانخفاض الطلب من خارج البلاد عى المنتجات المطحونة. حيث انخفض عدد المطاحن الآن إلى 28 مطحنة في جميع الولايات في أستراليا، المنتشرة سواءً في المدن أو المناطق الريفية. وهذا التوجه نحو عدد أقل من المطاحن بعدد عمال أقل وبقدرة إنتاجية أعلى عبارة عن توجه أصبحنا نراه كثيراً في صناعات المطاحن في الدول المتقدمة. بالإضافة لذلك، يتزايد الطلب بشكل مستمر على الدقيق مع ازدياد عدد السكان في أستراليا.

يبلغ استهلاك الدقيق المحلي في البلاد حوالي 1.5 مليون طن سنوياً، ويُستخدم 440 ألف طن من الدقيق لأغراض صناعية مثل صناعة النشا والغلوتين. ترسل أستراليا الآن الدقيق إلى الأسواق الخارجية بالإضافة إلى القمح. فإجمالي إنتاج الدقيق، الذي ارتفع بنسبة 26٪ في العقد الماضي، يبلغ الآن 2.1 مليون طن. ويستخدم صنّاع الخبز أكثر من 60٪ من هذا الدقيق.

مقالات في فئة Manşet