تسببت حالات حظر التجول المعلنة بسبب فيروس كورونا بالهلع لدى الكثير من الناس وهرعوا إلى الأسواق لشراء وتخزين الدقيق والمكرونة. وسارعت المطاحن إلى زيادة الإنتاج لتلبية الارتفاع المفاجئ على الطلب.
توافد المستهلكون من جميع أنحاء العالم، من لندن إلى مانيلا، إلى الأسواق في شهر مارس وملأوا مخزوناتهم من الدقيق والمكرونة. واهتم الكثير من الناس، الذين لم يرغبوا في أن يُحرموا من الخبز والمواد الغذائية الأساسية الأخرى أثناء التعامل مع وباء فيروس كورونا، بشكل خاص بالدقيق والمكرونة. حيث يفضل الزبائن أن تكون منتجات الدقيق والمخبووات في متناول أيديهم ليشعروا لأنها تشعرهم بالطمأنينة في أوقات الأزمات. وهنا أيضاً برزت مسألة كيف يمكن تخزين منتجات المخبوزات لفترة طويلة دون أن تفسد. ومع ازدياد هذا الطلب، جاءت أنباء تفيد بأنه تم استهلاك الدقيق في الأسواق ومحلات البقالة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لا يرجع ذلك إلى نقص الدقيق في العديد من البلدان، بل كان بسبب مشاكل لوجستية أو نقص في القدرة الكافية للتغليف السريع للدقيق الموجود.
سارعت المطاحن إلى زيادة الإنتاج لتلبية الارتفاع المفاجئ على الطلب. وفي هذا الصدد، أشار روب ماكي Robb Mackie، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الأمريكي للخبازين، بأن الزيادة المفاجئة على الطلب ضربت نظام التوريد بشكل قاسي وغير متوقع. حيث قال “لو كان الطلب ضعفي المعتاد، كان سيكون بإمكاننا التعامل معه. لكن، ارتفع الطلب خمسة أضعاف في ليلة واحدة. لم يكن أحد يتوقع ذلك.”
ظهرت زيادة غير متوقعة في الطلب على الدقيق والمكرونة مع فرض الحجر الصحي وتحديات البقاء في المنازل بسبب وباء فيروس كورونا. وأدت الزيادة في أعداد الناس الذين يصنعون الخبز والمعجنات في المنزل إلى استنفاد الدقيق على رفوف الأسواق. ومع ذلك، المشكلة ليست متعلقة بعرض الدقيق.
ازداد الطلب على الدقيق ضعفين في إنجلترا
أعلن اتحاد المطاحن الوطنية البريطانية والأيرلندية (NABIM) في إنجلترا أنه يعمل على مدار الساعة طوال الأسبوع لمضاعفة الإنتاج، ولكنه لا يزال يواجه صعوبات في تلبية الطلب. ومن بين 50 مطحنة تعمل في البلاد، حيث يتم إنتاج 90 ألف طن من الدقيق المعياري في الشهر الواحد، 12 منها فقط ينتج لقطاع البيع التجزئة.
وكان مدير اتحاد NABIM، أليكس ووه Alex Waugh، قد صرح قائلاً بأن خطوط التعبئة والتغليف تعمل بطاقتها الكاملة، لكن هذه الخطوط يمكنها فقط إعداد عبوات دقيق أسبوعية لـ 15 بالمائة فقط من السكان. ونظراً لأن الدقيق يوزع بأكياس كبيرة، فليس من السهل من الناحية التقنية تلبية الحاجة التي برزت مؤخراً للعبوات الخاصة بأسواق التجزئة. ويقول السيد ووه: “ليس هناك مشكلة في الإنتاج، لكن العبوات المتوفرة لدينا هي عبوات كبيرة تزن 25 أو 16 كغ مخصصة لمصانع المواد الغذائية والمخابز الكبيرة. من الضروري إعداد خط مختلف للعبوات المخصصة للمستهلكين. لأن العائلات لا ترغب بشراء الكثير من الدقيق. لدينا الكثير من الدقيق، لكن مشكلتنا الوحيدة هي التغليف. تضاعف الطلب على الدقيق لدى المستهلكين ويحاول الجميع تلبية هذا الطلب بمرور الوقت.”
يتم استهلاك مخزون المكرونة في ألمانيا
تجاوزت مبيعات الدقيق والمكرونة في ألمانيا المتوقع بكثير بسبب تدابير الحجر الصحي والتوقعات المتعلقة بحظر التجول. في حين ازداد الطلب على المكرونة بسرعة كبيرة جداً خلال أزمة فيروس كورونا، واجه ألدي، وهو سوق التخفيضات الألماني المشهور، صعوبة كبيرة في الحفاظ على الرفوف ممتلئة. يشعر العاملون في سوق التوريد بالقلق إزاء استنفاد مخزون المعكرونة بسبب الوباء، حتى أنه ترسل قطارات الشحن إلى إيطاليا لشحن المكرونة. حيث تم إحضار 200 طن من المكرونة في الشحنة الأولى فقط.
فوضى لوجستية في قطاع الحبوب الفرنسي
يواجه قطاع الحبوب في فرنسا صعوبات كبيرة في توفير الشاحنات والموظفين بالعدد الكافي من أجل الاستمرار في تشغيل المصانع والموانئ خلال الفترة التي ازدادت فيها صادرات القمح، بالتزامن مع قيام المستهلكين بشراء المكرونة والدقيق أثناء وباء فيروس كورونا. وبفضل منح الأولوية الاستراتيجية لقطاع المواد الغذائية من قبل الحكومة في فرنسا، التي يوجد فيها قطاع الحبوب الأكبر في أوروبا، تم بنجاح تخطي الفترات الأولى من حظر التجول بالنسبة لمنتجي المكرونة ومطاحن الدقيق ومصدري الحبوب. ومع ذلك، ومع استمرار الأزمة وتوقف قطاعات الاقتصاد الأخرى، هناك مخاوف من أن الخدمات اللوجستية المطلوبة لتشغيل قطاع الحبوب ستعاني وستختنق هي الأخرى. ويقول فرانسوا شولات Francois Cholat، رئيس اتحاد منتجي الأعلاف الحيوانية SNIA، “نبذل قصارى جهدنا لتوريد المنتجات للمصانع والزبائن. لقد أصبحت قضية اللوجستيات معقدة للغاية”. يلاحظ أعضاء اتحاد SNIA أن هناك زيادة بنسبة 20 ٪ إلى 30 ٪ في الطلب بسبب استخدام الأعلاف الناجم عن زيادة استهلاك اللحوم وكذلك الزبائن الذين يطلبون منتجات إضافية كإجراء وقائي.
ارتفعت مبيعات المكرونة والدقيق والأرز في الأسواق الفرنسية 3 مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ورفع منتجو المكرونة الفرنسية الإنتاج بنسبة 50 في المائة لتلبية الطلب الشديد. وأفيد أن الطلب على الدقيق من الأفران التقليدية يزيد بأكثر من الضعف.
تخطى قطاع الدقيق التركي الامتحان بنجاح
على الرغم من هرع الكثيرين إلى أقسام الدقيق والمكرونة في الأسواق تزامناً مع الارتباك الذي نجم بسبب وباء فيروس كورونا في تركيا، لم تبقَ الرفوف فارغة. حدثت هذه الموجة في أسبوع 11 مارس، عندما تم الإعلان عن الحالة الأولى. ولوحظ أن الرفوف ظلت فارغة من وقت لآخر خلال الأسبوع. ومع ذلك، تم إرسال التعزيزات على الفور.
كان السيد إي غونهان أولوسوي، رئيس مجلس إدارة اتحاد مصنعي الدقيق التركي TUSAF، بأن الطلب في شهر واحد يعادل الطلب العادي في 3 أشهر. وصرح كذلك السيد عبد القادر كولهاجي أوغلو، رئيس نقابة مصنعي المكرونة التركية، بأن مبيعات المكرونة في الفترة التي تلت يوم 11 مارس، حين اكتشفت أولى الحالات في تركيا، قد ازدادت بنسبة 300 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وقال كولهاجي أوغلو بأن تركيا، وهي ثاني أكبر مصدّر للمكرونة في العالم، أوقفت الصادرات للآن بسبب ازدياد الطلب المحلي، وبأنه تم مؤخراً توظيف 5 آلاف شخص، مشيراً إلى رفع ورديات العمل في هذا القطاع إلى 3 ورديات.
وقف منتجو الدقيق والمكرونة مع الشعب في هذه الفترة العصيبة عندما زاد الطلب بشكل غير عادي. ورفع قطاع الدقيق والمكرونة من طاقته الإنتاجية لتلبية الطلب من ناحية، ومن ناحية أخرى، قرر عدم رفع الأسعار لحين موسم الحصاد الجديد، حتى لا يتم السماح للانتهازيين برفع الأسعار على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الخام.
وفي معرض شكره لهذا القطاع، قال المدير العام لمجلس محاصيل التربة التركي، أحمد غولدال: “لا توجد دولة أخرى في أي مكان في العالم ملأت رفوف أسواقها بهذه السرعة، ولا يوجد شيء ناقص. تمكن جميع زبائننا من الوصول بسهولة إلى جميع احتياجاتهم. هذا يكشف عن أمن عرض المواد الغذائية في تركيا. لم يتسبب الصناعيون بأي نقص في العرض في الأسواق، ولم تكن هناك زيادة طفيفة في الأسعار على أي من المنتجات، وخاصة المواد الغذائية الجافة “. وتوجه غولدال أيضًا للقطاع بقوله: “بصفتنا كمجلس TMO، سنستمر في تلبية الطلب على المواد الخام في القطاع بالسعر المتعارف عليه ودون زيادة أسعار البيع لدينا. لن يكون هناك نقص في المواد الخام.”
توجهت المطاحن في الولايات المتحدة صوب قطاع البيع بالتجزئة
لقد أدى الوباء العالمي إلى زيادة الطلب على الدقيق بشكل غير مسبوق في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث تحاول مطاحن الدقيق والأفران في أمريكا الشمالية زيادة الإنتاج بسبب تخزين العناصر الغذائية الأساسية مثل الخبز والمكرونة. وفي هذا السياق، يجب إجراء تعديلات على خطوط الإنتاج للحصول على تغليف مناسب للمنتجات للبيع بالتجزئة. يقول تيم أوكونور Tim O’Connor، رئيس مجلس أغذية القمح الأمريكي، “لدينا كميات كثيرة من القمح. هنالك الكثير من القمح في العالم. لا يوجد حالات مثل عدم كفاية كميات القمح أو الدقيق. كل من سعة المطاحن وكميات القمح أكثر من كافية. لكن ما يصعب الأمر علينا هو شراء القمح بكميات كبيرة من أجل التخزين”.. وبحسب أوكونور، لا يمكن التكهن بشكل الطلب في المستقبل. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه لعدة أسابيع أو حتى تصل حالات COVID-19 إلى ذروتها.
كندا
صرح السيد غوردون هاريسون Gordon Harrison، رئيس اتحاد المطاحن الوطنية الكندي، بأن كميات الطلب العالية على الدقيق، الذي يبدأ عادة من نهاية شهر أغسطس ويستمر حتى عيد الميلاد، قد تم تجاوزها الآن. وتحدث هاريسون مشيراً إلى أن منتجات القمح والشوفان وغيرهما من منتجات الحبوب متوفرة أكثر من اللازم في البلاد حيث قال: «ليس هناك حاجة أبداً للخروج وشراء 10 علب من الدقيق. ونتوقع نقصاً في العرض على المدى القصير أو البعيد. قطاع المطاحن في البلاد يعمل بشكل جيد للغاية.»