إن عوامل مثل التمدّن، والتغيرات في نمط الحياة المعاصرة، وازدياد عدد السكان، ونمو الدخل تزيد من الطلب على القمح العالمي. حيث يقدر مجلس الحبوب العالمي أن تصل تجارة الدقيق العالمية في موسم 2019/20 إلى 15 مليون و880 ألف طن. ومن المتوقع أن تصل الصادرات في هذه الفترة في تركيا، التي تتربع منذ ست سنوات على عرش صادرات الدقيق العالمية، إلى 4 مليون و750 ألف طن. وبحسب أبحاث السوق، سيصل حجم استهلاك دقيق القمح إلى 411 مليون طن تقريباً خلال أربع سنوات.
جمال الدين قاناش
محرر
يُعتبر الدقيق أحد أقدم المواد الغذائية التي عرفها البشر وأكثرها تأثيراً. وهو مادة غذائية هامة من ناحية تلبية الاحتياجات اليومية للإنسان من السعرات الحرارية. كما أنه أحد المواد الغذائية الأساسية التي تُعد مصدراً مثالياً للطاقة بالنسبة للبشر في جميع أرجاء العالم. لكن قد يتغير مصدر الدقيق وشكله بين منطقة إلى أخرى. فمع استخدام القمح والذرة والأرز كمصادر الأكثر شيوعاً للدقيق، يُعتبر دقيق القمح هو الأعلى إنتاجاً. كما يُعد الدقيق حلاً اقتصادياً في تغذية السكان في العالم بالمقارنة مع المواد الغذائية الأساسية الأخرى. حيث يتم إنتاج أكثر من 600 مليون طن من دقيق القمح والذرة سنوياً حول العالم، ويُستهلكان على شكل معكرونة وخبز وغيرهما من منتجات المخبوزات.
في ملف غلافنا هذا، نودّ أن نطلعكم على آخر المعلومات والإحصائيات بشأن سوق وتجارة الدقيق العالمية. كما أننا سنقوم بتحليل آخر الأرقام التي شاركها معنا المجلس العالمي للحبوب (IGC)، وهو عبارة عن وكالة دولية توفر بيانات صحيحة وغير منحازة لـ 16 منتج من بينها القمح والبذور الزيتية والأرز. وبحسب آخر أرقام صادرات القمح بحسب الدول والمنشورة من قبل المجلس العالمي للحبوب (IGC)، كان هناك انكماش في تجارة الدقيق العالمية قدره 1 مليون طن في موسم 2018/19. ويُعتقد أنه لن يكون من الممكن تعويض سوى جزءاً صغيراً منه في موسم 2019/20. وبحسب تقديرات المجلس العالمي للحبوب (IGC)، ستصل تجارة الدقيق العالمية في موسم 2019/20 إلى إجمالي 15 مليون و880 ألف طن، بزيادة نسبتها 1 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
وبحسب الإحصاءات التي تم الكشف عنها، ستقوم تركيا، رائدة العالم في صادرات الدقيق في آخر ست سنوات، هذا الموسم بتعويض الانكماش الطفيف الذي حصل العام الماضي. حيث انخفضت الصادرات التركية في موسم 2018/19 إلى 4 مليون و628 ألف طن، بانخفاض نسبته 1.4%. أما الصادرات التركية من الدقيق هذا الموسم فمن المتوقع أن تصل إلى 4 مليون و750 ألف طن. وتبيع تركيا الدقيق لأكثر من 100 دولة حول العالم. وبأرقام مبيعات وصلت إلى 3.5 مليون طن تقريباً في العام الماضي، حققت تركيا لوحدها ثلث الصادرات العالمية من الدقيق.
وفقاً لأرقام المجلس العالمي للحبوب (IGC)، ليس هناك ما يشير إلى أن الأرجنتين، التي انخفضت مبيعاتها من الدقيق إلى الخارج في موسم 2018/19 من 1 مليون و3 آلاف طن إلى 876 ألف طن، ستعوض هذا الانخفاض. وبحسب IGC، ستحقق الأرجنتين صادرات قدرها 875 ألف في موسم 2019/20.
عندما ننظر كذلك إلى دولة هامة أخرى في التصدير، ألا وهي مصر، نجد بأن أرقام صادراتها غير مستقرة وهبوط أرقامها الحاد جدير بالملاحظة. حيث أنه من المتوقع أن تنخفض صادراتها من الدقيق هذا الموسم إلى 600 ألف طن، بانخفاض بنسبة 35%، في حين أن صادراتها ارتفعت في العام الماضي إلى 931 ألف طن، بارتفاع بنسبة 79%.
يبدو بأن دول الاتحاد الأوروبي ستعوض جزءاً طفيفاً من خسائرها التي بلغت نسبة 23 بالمائة في العام الماضي. وبحسب إحصاءات المجلس العالمي للحبوب (IGC) ومقره بريطانيا، الصادرات التي انخفضت في العام الماضي من 831 ألف طن إلى حدود 639 ألف طن ستكون في موسم 2019/20 بحدود 650 ألف طن.
سيستمر هذا الموسم أيضاً الانخفاض في حجم صادرات كازاخستان، وهي أحد الدول التي تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن القمح والدقيق. وبحسب التقديرات، سينخفض التسارع السلبي للخسائر في البلاد والتي كانت نسبتها 19 بالمائة في العام المنصرم. وعلى الرغم من ذلك، ستستمر صادرات البلاد من الدقيق بالانخفاض هذا الموسم بنسبة 7%. وبناءً عليه، ستكون صادرات بلدان آسيا الوسطى في موسم 2019/20 عند مستوى 2 مليون و500 ألف طن.
تواصل روسيا ديناميكيتها في سوق الدقيق
بالنسبة لروسيا، بطلة العالم في تصدير القمح، ستواصل في موسم 2019/20 أيضاً ديناميكيتها في سوق الدقيق. حيث أنه من المتوقع أن يصل حجم صادرات الدقيق الروسي، الذي بلغ 395 ألف طن بزيادة 11 بالمائة العام الماضي، إلى 420 ألف طن بزيادة 6 بالمائة هذا العام. وستحاول أوكرانيا، وهي دولة منتجة هامة أخرى، رأب آثار صدمة الانكماش البالغ نسبته 30% والذي شهدته البلاد العام الماضي جزئياً بنمو نسبته 19%. وبحسب التقرير المعلن، ستبيع أوكرانيا 500 ألف طن من الدقيق للعالم هذا الموسم.
بحسب تقرير شركة Research and Markets للأبحاث، فقد وصل سوق دقيق القمح العالمي في عام 2018 إلى حجم استهلاك قدره 385 مليون طن، وسجلت نمواً سنوياً مركباً (CAGR) بنسبة 1.3% في الفترة ما بين عامي 2011- 2018. ووفقاً لدراسات الشركة، سيصل حجم استهلاك دقيق القمح إلى 411 مليون طن تقريباً بحلول عام 2024. وسيرتفع الطلب على الدقيق أيضاً مع ازدياد عدد سكان العالم وارتفاع دخل الفرد. حيث أدى انتقال المستهلكين من نمط الحياة الريفية إلى نمط الحياة المدنية المعاصرة إلى ارتفاع الطلب على أنواع مختلفة من الدقيق من أجل إعداد منتجات مأكولات الوجبات السريعة. وبالإضافة إلى التغييرات في ذوق المستهلكين وتفضيلاتهم، فالمخاوف الغذائية التي دفعت المنتجين إلى تطوير منتجات متباينة أثرت أيضًا على المبيعات العامة. وتعلق بيستي يلديز، الاستشارية في شركة Farrelly & Mitchell، على هذا الموضوع قائلة «يساهم تطور صناعة مطاحن الدقيق في البلدان النامية، التي تسجل نسب نمو مرتفعة في مناطق آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا، يساهم بنسبة كبيرة في تنمية وتوسيع السوق العالمية للمنتجات الفرعية مثل الدقيق والمخبوزات والحلويات.»