تتغير توازنات التجارة العالمية يوماً بعد يوم، حيث تلعب التوترات الجيوسياسية، والرسوم الجمركية، والحروب التجارية دوراً حاسماً في أسواق الحبوب. ويؤكد رئيس مجلس إدارة جمعية موردي الحبوب، غورسيل إرباب، أن امفتاح النمو المستدام لا يكمن في المنافسة بقدر ما يكمن في التعاون. نحن، في HUBUDER، نرغب في بيئة يسودها السلام والاستقرار في بلدنا والعالم، حيث تزدهر الشراكات التجارية بدلاً من الحروب التجارية. يعتمد قطاعا الزراعة والغذاء على بعضهما البعض،والتعاون العالمي ضرورة لتحقيق حلول دائمة.
يشهد الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة تحولاً كبيراً بسبب حالة عدم اليقين الجيوسياسي، والتغير المناخي، والتقلبات في السياسات التجارية. ويقع قطاع الحبوب في قلب هذه التغيرات، مما يجعله يواجه تحديات كبيرة تتعلق باستقرار العرض والأسعار. ومع ذلك، فإن اتخاذ خطوات لتحويل الأزمات إلى فرص وتعزيز الشراكات التجارية يعد أمراً بالغ الأهمية في مثل هذه المرحلة.
غورسيل إرباب
جمعية موردي الحبوب التركية
رئيس مجلس الإدارة
في هذا السياق، التقينا رئيس مجلس إدارة جمعية موردي الحبوب (HUBUDER)، السيد غورسيل إرباب، أحد أبرز ممثلي القطاع، للحصول على أحد المعلومات حول الوضع الحالي لتجارة الحبوب، والتحديات التي تواجهها، والحلول المقترحة، ومستقبل القطاع. ويبرز إرباب بصفته شخصية بارزة بخبرته الممتدة على مدى 34 عام في القطاع، إلى جانب دوره الفاعل في مجالس الإدارة، حيث يقود تعاوناً فعالًا بين القطاعين العام والخاص.
فيما يلي إيضاحات غورسيل إرباب لمجلة الطحان:
هل يمكنكم تقديم معلومات عن جمعية HUBUDER؟ ما هي نشاطات الجمعية ومساهماتها في القطاع؟
تأسست جمعية موردي الحبوب (HUBUDER) في عام 2012 بهدف جمع الشركات العاملة في تجارة الحبوب تحت مظلة واحدة، وتعزيز الممارسات التي تخدم مصالح القطاع والاقتصاد الوطني. يقع مقرها الرئيسي في مدينة إسطنبول.
تتمثل أهداف الجمعية في تشجيع التضامن والتآزر بين أعضائها، واتخاذ المبادرات اللازمة لإزالة العقبات أمام التجارة الحرة، مما يساهم في الاستفادة المثلى من إمكانيات تجارة الحبوب.
في هذا الإطار، تعمل الجمعية على تعزيز التكامل الدولي والقدرة التنافسية للقطاع، وتنسيق التعاون بين القطاعين العام والخاص، وإيصال القضايا المتعلقة بتجارة الحبوب وحلولها إلى الرأي العام والجهات المعنية. كما تسهم في تطوير التجارة بين أعضائها من خلال مختلف النشاطات والمبادرات.
لدينا حتى اليوم، 165 عضو، مما يمنح جمعيتنا مكانة المظلة الرئيسية للقطاع. حيث تضم عضويتنا شركات تنشط في 15 مجالاً مختلفاً، تشمل التجارة الداخلية، التجارة الداخلية والخارجية، صناعة الدقيق، صناعة الأعلاف، التخزين المرخص، اللوجستيات، والاستشارات الجمركية. بالإضافة إلى ذلك، ننظم الجمعية سنوياً مؤتمراً دوليًا في شهر مايو بعنوان االقمح في تركيا والعالم قبل الحصادب. وبهذا الصدد، ندعو جميع العاملين في القطاع لحضور الدورة المقبلة من المؤتمر، والتي ستُعقد يومي 8-9 مايو في فندق شيراتون أنقرة.
ما هي أكبر التحديات التي تواجهونها في أسواق الحبوب؟ وما الخطوات التي تقترحونها لتجاوز هذه التحديات؟
تشكل حالة عدم اليقين الجيوسياسية، الحروب التجارية، التغير المناخي، والاضطرابات اللوجستية تحديات عالمية تؤثر بشكل عميق على استقرار العرض والأسعار في قطاع الحبوب، مما ينعكس على الاقتصادات العالمية. تمتلك تركيا، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، ميزة كبيرة في مواجهة هذه التحديات. وللاستفادة بشكل أكثر فاعلية من هذا الموقع، فإن تحسين البنية التحتية اللوجستية، بما في ذلك النقل، وتحقيق توازن أمثل بين الواردات والصادرات، وتعزيز الإنتاج المحلي تعد من أولوياتنا الرئيسية.
نتابع في جمعية HUBUDER عن كثب اتفاقيات التجارة الدولية ونطور سياسات قطاعية لدعم المنتجين المحليين. كما نولي أهمية كبرى للرقمنة والحلول القائمة على البيانات، ونعمل على تعزيز ممارسات الزراعة المستدامة من خلال تشجيع الأبحاث حول الحبوب والبذور المقاومة للجفاف باعتبارها أولوية استراتيجية. بالإضافة إلى ذلك، نركز على المشاريع التي تعزز أمن الإمدادات الغذائية خلال فترات الأزمات، كما ندعم تعزيز دور مكتب محاصيل التربة (TMO) في تنظيم السوق لضمان استقرار الأسعار والإنتاج.
ما هي أكبر التحديات في تجارة الحبوب؟ وما الخطوات اللازمة للتغلب عليها؟
من وجهة نظرنا، هناك عدة قضايا رئيسية تحتاج إلى تحسين في قطاع تجارة الحبوب، وهي:
-1خفض تكاليف الإنتاج.
-2تشجيع زيادة الإنتاج والتجارة الدولية للحبوب الاستراتيجية مثل القمح والشعير والذرة.
-3ضمان الشفافية ووضع سياسات متسقة بشأن الاستيراد والتصدير والضرائب الجمركية.
-4نظيم سياسات مبيعات مكتب محاصيل التربة (TMO) بشكل يشمل جميع الأطراف في القطاع.
-5تحسين البنية التحتية اللوجستية لسلاسل التوريد.
-6تبسيط التشريعات .
نؤمن بأن تعزيز التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص أمر ضروري لحل هذه المشكلات بفعالية. ومن هذا المنطلق، تتبنى جمعية HUBUDER دور صوت القطاع ومستشاره، ساعية إلى إيجاد حلول مستدامة تعزز من استقرار ونمو تجارة الحبوب.
كيف تقيمون الفرص والمخاطر البارزة في أسواق الحبوب التركية؟ وما هي الاستراتيجيات التي يجب تطويرها لضمان استدامة القطاع؟
الفرص:
وجود كبار منتجي الحبوب مثل أوكرانيا، روسيا، والاتحاد الأوروبي في الجغرافيا القريبة من تركيا.
القرب الجغرافي من أسواق التصدير.
موقع تركيا كقاعدة لوجستية متميزة من حيث النقل البري والبحري.
البنية التحتية المتقدمة في صناعة الطحين، والخبرة العالمية في هذا المجال.
التجربة المتطورة في إنتاج المخبوزات والحبوب.
الزيادة السكانية العالمية التي تفتح فرصاً جديدة للأسواق.
حجم قطاع الأعلاف الوطني لدينا.
التحديات
ارتفاع تكاليف الإنتاج في تركيا.
تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج الزراعي.
الظروف الاقتصادية المتدهورة في الأسواق التجارية بعد الجائحة الكبرى، مع التغيرات المستمرة في التشريعات المرتبطة بها.
الحروب والصراعات في منطقتنا والجغرافيا القريبة في السنوات الثلاث الأخيرة، وما ترتب عليها من مخاطر لوجستية، زيادة التكاليف، وتأخيرات نتيجة الهجمات الإرهابية وأزمات النقل وما إلى ذك.
نحن في جمعية HUBUDER، نعمل على استغلال هذه الفرص على النحو الأمثل وبناء قطاع مقاوم للتحديات من خلال الاستثمار في التقنيات المبتكرة، وتطوير مشاريع التعاون الدولي، والتركيز على ضمان استدامة القطاع على المدى الطويل.
نتوقع محصولاً يتخطى 20 مليون طن
هطول الثلوج والأمطار التي اجتاحت البلاد في الآونة الأخيرة هو تطور هام بالنسبة لإنتاج الحبوب. كيف سيكون تأثير هذه الهطولات على إنتاج القمح؟ ما هو تقديركم لآخر محصول؟
تم الانتهاء من زراعة الحبوب الشتوية. ومع ذلك، في هذه الفترة، من شهر أكتوبر حتى نهاية شهر يناير، كان هناك هطول أمطار أقل من المعتاد في البلاد، مقارنةً بسنة 2024 وضمن المعدل الطبيعي. شهدت منطقة الأناضول الداخلي، حيث تم زراعة 37% من المساحات، ومنطقة جنوب شرق الأناضول، حيث تم زراعة 15% من المساحات، هطول أمطار أقل بكثير من المعدل الطبيعي. ولكن، مع تساقط الثلوج في شهر فبراير مع بعض الأمطار، تحسن الوضع قليلاً، إلا أن أمطار شهري مارس وأبريل ستكون ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنمو النبات والإنتاجية. حسب مشاهداتنا، نتوقع في عام 2025 انخفاضاً بنسبة 4-5% في زراعة القمح المخصص للمكرونة، زيادة بنسبة 2-3% في زراعة القمح المخصص للخبز، و انخفاضاً بنسبة 1-2% تقريباً في زراعة الشعير. بالنظر إلى الزراعة والظروف المناخية التي حدثت حتى الآن، ومع استمرار الطقس الطبيعي في أشهر مارس وأبريل ومايو، فإننا نتوقع أن يكون إنتاج القمح في 2025 أقل قليلاً من الإنتاج الإجمالي للعام الماضي الذي بلغ 20.8 مليون طن.

التعرفات الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشعلت حروب التجارة العالمية من جديد. كيف ستؤثر هذه الرسوم الجمركية المتبادلة بين الدول على أسعار الحبوب، خاصة القمح؟ وكيف ستتأثر تركيا من هذه العملية؟
أولاً، أود أن أقول إننا في جمعية HUBUDER نريد بيئة من السلام والهدوء في بلادنا والعالم، وليس حروباً تجارية، بل تعزيز للتعاون التجاري. في قطاع الزراعة والغذاء، قد تتخذ الدول بعض الإجراءات المؤقتة حسب العرض والطلب لضمان الأمن الغذائي لشعوبها. وهذا أمر طبيعي. لكن يجب ألا ننسى أن أي دولة في العالم لا تستطيع إنتاج جميع المنتجات الزراعية التي تحتاجها. وبالتالي، الدول تعتمد على بعضها البعض في مجال الغذاء. ونحن في تركيا محظوظون في هذا السياق. لذلك، لا أعتقد أننا سنتأثر بشكل كبير. ولكن أعتقد أن صناعاتنا في الدقيق والمعكرونة التي نحتل المركز الأول في تصديرها قد تتأثر سلباً. اتجهت أسعار القمح في السوق العالمية مؤخراً نحو الارتفاع. ومع ذلك، نعتقد أنه بعد 2-3 أشهر ومع بدء الحصاد في بلادنا والدول المجاورة، ستعود الأمور إلى سيرها الطبيعي.