BLOG

المطاحن الأوكرانية تخوض صراعاً للبقاء تحت وطأة الحرب

01 رمضان 14465 دقيقة للقراءة

ريبورتاج
كاتيرينا مودريان
ASAP Agri Chief Analyst

Rodion Rybchynskyi
Director of the Union of Millers of Ukraine

في مواجهة الحرب وعدم الاستقرار الاقتصادي، يواجه قطاع الزراعة في أوكرانيا تحديات كبيرة. ويكافح قطاع الدقيق، الذي يعد جزءاً هاماً من هذا القطاع، حالياً بسبب نقص المواد الخام ذات الجودة العالية، والمشاكل المتعلقة بالتصدير، وارتفاع تكاليف الطاقة. وفي حديثه إلى مجلة «الطحان» , شرح روديّون ريبتشينسكي، مدير اتحاد مطاحن أوكرانيا، كيفية تكيف المطاحن مع هذه الظروف الصعبة، والحلول التي توصلوا إليها، ومستقبل القطاع.

سيد ريبتشينسكي، هل يمكنكم تقديم معلومات لنا عن نسبة القمح العلفي والقمح المخصص للخبز في حصاد هذا العام في أوكرانيا؟

وفقاً لـ SGS أوكرانيا، يشكل 27% من حصاد عام 2024 القمح ذو الجودة الذي يمكن لمطاحن الدقيق معالجته. أما القمح المتبقي فيتكون من أنواع غير مصنفة أو من القمح من الفئة الرابعة. 

هل حقق إنتاج القمح توقعاتكم؟ لماذا لم يتم الحصول على نتائج أفضل؟

رغم الظروف الجوية الإيجابية التي زادت من الآمال في الحصول على جودة أعلى في البداية، إلا أن الحصاد كان أسوأ من المتوقع. ومع ذلك، فإن الانخفاض المستمر في جودة الحبوب منذ عام 2016 منع المزارعين من حصاد محصول أفضل. والسبب في ذلك هو انخفاض استخدام الأسمدة المعدنية، وتطبيقات إدارة الأراضي الأقل كثافة، وتدهور جودة البذور.

كيف يؤثر حصاد القمح هذا العام على صناعة الدقيق في أوكرانيا؟ وبالنظر إلى أن فقط 30% من القمح يعتبر مناسباً للخبز، كيف يتكيف القطاع مع هذه الوضع؟ 


إن لكميات والجودة المنخفضة في حصاد القمح هذا العام تؤثران على كل من الأسعار وكمية القمح المتاحة للمطاحن. مع كون القمح المخصص للخبز يشكّل 30% من إجمالي الحصاد، يتوفر حوالي 6 ملايين طن من القمح ذو الجودة المناسبة للاستخدام الغذائي. بالنظر إلى أن استهلاك أوكرانيا يبلغ 3.5 مليون طن، فإن هذه الكمية كافية للاستهلاك المحلي. ومع ذلك، رغم أن هذا يبدو كافياً على الورق، من المتوقع أن يصل إجمالي صادرات القمح (سواء المخصص للخبز أو العلف) في فترة 2024/2025 إلى 16.2 مليون طن، مما يعني زيادة في الطلب على القمح عالي الجودة. المزارعون بالفعل يحدون من مبيعات القمح ذو الجودة الغذائية في السوق المحلية، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار.


الحصاد المنخفض يجعل من الصعب على المطاحن تخزين القمح من أجل الإنتاج وتخزين قمح الخبز للأشهر القادمة. على الرغم من أن إنتاج الدقيق مستقر حالياً، إلا أن الحصاد المنخفض يؤثر على كثافة الإنتاج ويصعب التخطيط على المدى المتوسط. على سبيل المثال، تتردد الشركات في توقيع عقود تصدير دقيق طويلة الأجل بسبب عدم اليقين في أسعار القمح. هذا الغموض يعطل الاستقرار العام وتنظيم إنتاج الدقيق في أوكرانيا.

كيف تؤثر ظروف الحرب الحالية، بما في ذلك احتمالية انقطاع الكهرباء، على أسعار الدقيق؟

منذ شتاء 2022/2023، تمكنت الشركات من الوصول إلى مولدات إضافية ومصادر طاقة احتياطية. قامت بعض الشركات بالاستثمار في هذه المولدات خلال تلك الفترة، بينما تتجه شركات أخرى الآن إلى هذه الاستثمارات، خاصةً من خلال برامج المساعدات الإنسانية.
لكن التحدي الرئيسي يتمثل في أن تشغيل المولدات يكلف ما بين 2 إلى 2.5 ضعف تكلفة الكهرباء من الشبكة العامة. بالإضافة إلى ذلك، تخلق الصيانة والوقود تكاليف إضافية.


تأثير انقطاع الكهرباء يعتمد أيضاً على حجم الشركة. فالشركات الصغيرة يمكنها إدارة الإنتاج قصير المدى باستخدام مولدات بقدرة 300-500-700 كيلوواط، لكن كميات الطاقة التي تحتاجها المطاحن ذات السعات الكبيرة تتجاوز بكثير قدرة هذه المولدات.
باختصار، تعتبر المولدات حلاً احتياطياً مؤقتاً يخدم بشكل أساسي الشركات الصغيرة.

ما أسباب انخفاض صادرات الدقيق الأوكراني إلى الخارج، وخاصة إلى الاتحاد الأوروبي؟

تؤدي حالة عدم اليقين بشأن حجم إنتاج الدقيق وأسعار المواد الخام إلى صعوبة التخطيط للصادرات. بالإضافة إلى ذلك، اعتباراً من موسم 2022/2023، تمكنت أوكرانيا من زيادة إنتاج الدقيق بفضل انخفاض أسعار القمح، مما أتاح لها ميزة تنافسية في تصدير الدقيق بأسعار جذابة، وجعل اللوجستيات أكثر سهولة. لكن اليوم، أصبحت اللوجستيات عقبة كبيرة أمام صادرات الدقيق الأوكراني. تكلفة إرسال شحنة شاحنة واحدة من المناطق الوسطى في أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي تبلغ حوالي 2500 يورو. علاوة على ذلك، وبسبب ارتفاع أسعار الحبوب وغياب انتظام الطلب، تتردد الشركات في استثمار أموالها وسمعتها في هذه الصادرات. نتيجة لذلك، تفضل معظم الشركات التعامل مع كميات صغيرة من الدقيق ضمن عقود قصيرة الأجل.


كيف غيّرت الحرب ترتيب المستوردين الرئيسيين للدقيق الأوكراني؟

قبل الحرب، كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي المستورد الرئيسي للدقيق الأوكراني. أما الآن، فإن أكبر المستوردين هم مولدوفا، فلسطين، إسرائيل، ودول الاتحاد الأوروبي. هذا التغيير يعود بشكل رئيسي إلى الأسباب اللوجستية، حيث تعتمد أوكرانيا الآن على تصدير منتجاتها عبر الحاويات. نتيجة للطرق المقطوعة عبر البحر الأحمر، تُجبر سفن الحاويات على الإبحار حول إفريقيا، مما يجعل من الصعب على الشركات الأوكرانية تصدير الدقيق إلى وجهات أخرى باستثناء فلسطين وإسرائيل. هذا النوع من النقل غير عملي وغير مستدام مالياً بالنسبة للمصدرين الأوكرانيين.


كيف أثرت اتفاقية تصدير القمح التي تم توقيعها في أوكرانيا في شهر سبتمبر على المطاحن؟

في عام 2024، لم يكن لاتفاقية تصدير القمح أي تأثير على المطاحن الأوكرانية، لأن اتحاد المطاحن الأوكراني لم يوقع البروتوكول الإضافي. وقد اقترح الاتحاد فرض حصة على القمح المخصص للاستهلاك الغذائي بنسبة 30% من إجمالي حجم التصدير البالغ 16.2 مليون طن. ومع ذلك، لم يُقبل هذا الاقتراح، وفضل الاتحاد عدم توقيع الاتفاقية.

هل توجد حالياً برامج حكومية لدعم صناعة الدقيق في البلاد؟

لا توجد في أوكرانيا برامج حكومية خاصة موجهة لدعم قطاع مطاحن الدقيق. توجد مصادر تمويل عامة، مثل برنامج القروض بنسبة فائدة 5-7-9%، إلا أن هذه البرامج ليست مصممة خصيصًا لصالح العاملين في قطاع المطاحن. وبشكل عام، لا يحظى قطاع معالجة الحبوب بأي إعانات أو امتيازات من الدولة.


هل هناك طلب على منتجات الدقيق المتخصصة في أوكرانيا؟ وما مدى إمكانية تطويرها خلال الحرب؟

يوجد في أوكرانيا طلب معين على المنتجات المتخصصة، خاصة مع تزايد إنتاج الخبز الحِرَفي، مما يخلق حاجة للدقيق الخاص والخليط المميز. ومع ذلك، فإن هذا القطاع يظل صغير الحجم ويركز بشكل كبير على السوق المحلية. وعلى الرغم من كل التحديات، يجد العاملون في قطاع المطاحن الأوكراني فرصاً للنمو داخل السوق المحلي. بالإضافة إلى ذلك، يستكشفون أسواق تصدير جديدة ويعملون على تحسين عمليات الإنتاج للبقاء في دائرة المنافسة.


مقالات في فئة مقابلة