BLOG

:القمح الهندي نظرة على إنتاجه واستهلاكه وسوقه

27 رجب 14467 دقيقة للقراءة

Gaurav Jain
Founder and CEO
AgPulse Analytica


يُعد القمح محصولاً استراتيجياً ذا أهمية كبيرة في الاقتصاد الزراعي للهند، إذ لا يؤثر فقط على الأمن الغذائي، بل ينعكس أيضاً على سبل عيش المزارعين ومستويات التضخم في البلاد. وباعتبارها واحدة من أكبر الدول المنتجة والمستهلكة للقمح في العالم، فإن القرارات التي تتخذها الهند بشأن إنتاج القمح وتسعيره وتوزيعه لها تأثيرات واسعة النطاق. ومع بداية العام الجديد، يراقب جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك صنّاع السياسات والتجار والمزارعون، عن كثب اتجاهات الإنتاج والأسعار المحلية وردود الفعل السياسية المحتملة. وعلى الرغم من أن المؤشرات الأولية تشير إلى ارتفاع في الإنتاج، فإن ديناميكيات السوق تؤكد استمرار التحديات المتعلقة بالإمداد وضبط الأسعار وإدارة المعروض. 


لمحة عن المساحات الزراعية الحالية والإنتاج الحالي 

بحسب أحدث بيانات وزارة الزراعة الهندية، ارتفعت المساحات المزروعة بالقمح بنسبة 1.7% على أساس سنوي بحلول مطلع شهر يناير. وقد أسهم هذا التوسع في المساحة المزروعة، إلى جانب الظروف الجوية المواتية في المناطق الرئيسية لزراعة القمح، في تعزيز التوقعات الإيجابية للإنتاج. ويتوقع نموذج AgPulse للحصاد أن يصل محصول موسم الرابي 2025/26 إلى نحو 116.4 مليون طن متري، مسجلًا زيادة بنسبة 3% مقارنة بالعام السابق. 


على الرغم من أن الزيادة المتوقعة في الإنتاج تبعث على التفاؤل، إلا أنها تترافق مع تزايد الاستهلاك المحلي. فمع ارتفاع عدد السكان وزيادة الطلب على المنتجات القائمة على القمح، يُتوقع أن يرتفع الاستهلاك بنحو 2 مليون طن متري. وتُعد هذه تقديرات حذرة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار، حيث إنه في حال انخفاض الأسعار، قد يرتفع الطلب بمقدار 4 إلى 5 ملايين طن متري. وهذا يعني أنه رغم نمو الإنتاج، فقد يتجاوز الطلب المعروض بشكل طفيف، مما قد يُبقي العرض محدوداً. 

الأسعار المرتفعة داخل البلاد 

على الرغم من الزيادة المتوقعة في الإنتاج، لا تزال سوق القمح في الهند مضطربة. فقد واصلت الأسعار ارتفاعها في السوق المحلية بسبب نقص المحصول السابق، ويبدو أن هذا الوضع لن يتحسن قبل وصول المحصول الجديد.


يُعزى السبب الرئيسي لهذا الارتفاع في الأسعار إلى محدودية الكميات المتاحة لدى القطاع الخاص. إذ أبلغ التجار والمزارعون، الذين يلعبون دوراً رئيسياً في توفير السيولة للأسواق، عن انخفاض مستويات المخزون. وقد أدى تفاقم الفجوة بين العرض والطلب، إلى جانب تراجع المخزونات الخاصة، إلى ارتفاع حاد في أسعار القمح، مما زاد المخاوف بشأن التضخم. 

التدخلات في السوق 

لمواجهة ارتفاع الأسعار، تُفعّل الحكومة برنامج البيع في السوق المفتوحة (Open Market Sale Scheme - OMSS) بشكل نشط. وفي إطار هذا البرنامج، تقوم شركة الأغذية الهندية (Food Corporation of India - FCI) ببيع القمح مباشرةً إلى المستهلكين والتجار بهدف تحقيق استقرار الأسعار في السوق. وقد تم بالفعل إجراء مزاد علني لبيع 500.000 طن متري من إجمالي 2.5 مليون طن متري من القمح المعلن عن بيعه ضمن البرنامج، حيث تم بيع أكثر من 95% من الكمية المعروضة. 


على الرغم من هذه المبيعات، لا تزال أسعار السوق عند مستويات مرتفعة. وهذا يشير إلى أن تدخلات برنامج البيع في السوق المفتوحة (OMSS) لم تكن كافية لإراحة الأسواق أو معالجة القيود الأساسية في العرض. وقد يكون من الضروري أن تقوم الحكومة بزيادة الكمية المعروضة من القمح في إطار البرنامج خلال الأسابيع القادمة لتخفيف الضغوط على السوق بشكل أكبر. 

برامج المساعدات الحكومية وأهداف التوريد 

يتم توزيع جزء كبير من القمح المنتج في الهند من خلال برامج الدعم الحكومية المختلفة مثل NFSA وPMGKAY، التي تساهم في ضمان الأمن الغذائي لملايين المواطنين في الهند. ولدعم هذه البرامج والحفاظ على المخزونات الاحتياطية، تشتري شركة الأغذية الهندية FCI القمح من المزارعين بأسعار الدعم الأدنى (MSP). 


من جهتنا نعتقد أنه من الضروري أن تحدد الحكومة هدفاً للشراء يبلغ 30 مليون طن لضمان سير برامج المساعدات الاجتماعية بشكل سلس، والحفاظ على المخزونات، والسيطرة على الأسعار المحلية. ومع ذلك، سيكون تحقيق هذا الهدف أمراً صعباً. فعلى الرغم من أن سعر الشراء الأساسي يبلغ حالياً 24,25 روبية هندية لكل كيلوغرام، فإن الأسعار في السوق تتجاوز هذا السعر، مما قد يدفع المزارعين إلى بيع محاصيلهم للتجار في القطاع الخاص الذين يقدمون عوائد أفضل. تاريخياً، عندما تتجاوز الأسعار السوقية سعر الشراء الأساسي، تصبح المشتريات الحكومية صعبة. وإذا لم تتمكن الحكومة من تحقيق الكميات المستهدفة من الشراء، فقد تواجه خطر استنفاد مخزوناتها، مما قد يؤدي إلى تعطيل برامج المساعدات الاجتماعية وزيادة في تضخم أسعار المواد الغذائية.

مناقشة استيراد القمح

في ضوء التوقعات الحالية للإنتاج البالغة 116,4 مليون طن، ألغت الحكومة في الوقت الحالي احتمال استيراد القمح. فالهند، تقليدياً، تتجنب استيراد القمح لحماية المزارعين المحليين من المنافسة العالمية. وعلى الرغم من أن استيراد القمح قد يساعد في موازنة الأسعار المحلية، إلا أنه يُعتبر الخيار الأخير بسبب العواقب السياسية والاقتصادية. يمكن أن يؤدي الاستيراد إلى خفض الأسعار في السوق مما يضر بالمزارعين المحليين وقد يسبب اضطرابات محتملة في صفوفهم. علاوة على ذلك، فإن استيراد كميات كبيرة من القمح سيترتب عليه تكاليف لوجستية ومالية إضافية، مما سيفرض مزيداً من الضغط على الموازنة العامة. 


مع التوقعات الحالية للإنتاج البالغة 116,4 مليون طن للموسم 2025/26، من المتوقع ألا تحتاج الهند إلى برنامج استيراد. فالحكومة تحتفظ بكميات كافية من المخزونات تقديرياً في شهري فبراير ومارس لزيادة مبيعات برنامج البيع في السوق المفتوحة (OMSS)، مما يبدو أنه الاستراتيجية المفضلة هي إدارة الأسعار المحلية بدلاً من اللجوء إلى الاستيراد. لكن إذا استمرت الأسعار المحلية في الارتفاع ولم تكن عمليات الشراء كافية، قد تفكر الحكومة في تخفيف القيود على الاستيراد لتحقيق التوازن في السوق. 

في حال بدأت الهند في استيراد القمح، نتوقع أن يتراوح حجم الاستيراد بين 2-5 مليون طن، مما سيؤدي إلى زيادة الأسعار في الأسواق العالمية نتيجة للطلب الإضافي. ومن المرجح أن يأتي الجزء الأكبر من استيراد القمح من أستراليا، بسبب ميزة التكلفة وجودة المنتج. ومع ذلك، فإن احتمالية حدوث تغيير في السياسة على هذا النحو تبقى منخفضة. 

الظروف الجوية ومخاطر الإنتاج 

يعتمد الإنتاج الزراعي في الهند إلى حد كبير على الظروف الجوية، والقمح ليس استثناءً من ذلك. وعلى الرغم من أن الوضع الحالي يبدو إيجابياً، إلا أن الظروف الجوية غير المتوقعة مثل الأمطار الموسمية، الصقيع، درجات الحرارة المرتفعة أو الآفات لا تزال تشكل خطراً على الحصاد النهائي. 

في السنوات الماضية، وكما كان الحال في موسم 2022/23، ظهرت التقلبات المناخية كأحد التحديات الرئيسية للزراعة في الهند. حتى الانحرافات الصغيرة عن النماذج المناخية المتوقعة يمكن أن يكون لها تأثير غير متناسب على إنتاجية المحاصيل. ولذلك، سيواصل المسؤولون المعنيون في القطاع مراقبة تطورات الأحوال الجوية عن كثب في الأشهر المقبلة. 

التوقعات لموسم 2025/26 

إن قطاع القمح في الهند أمامه طريق مليء بحالات عدم اليقين. حيث إن التقدير الحالي للإمدادات لموسم 2025/26 قد يساعد في تخفيف الضغوط على قنوات الإمداد وتقليل ضغوط العرض. ومع ذلك، يكمن التحدي الرئيسي في ضمان وصول هذا الفائض من العرض إلى قنوات التوريد الحكومية بدلاً من أن يتم امتصاصه من قبل سوق القطاع الخاص بأسعار أعلى. 


إن أسعار السوق التي تتجاوز بشكل كبير السعر الأساسي، بالإضافة إلى قيام القطاع الخاص بشراء المحاصيل من المزارعين بشكل نشط، تتسبب في تعطيل كبير لأهداف الحكومة في تأمين الإمدادات، على الرغم من الزيادة المتوقعة في الإنتاج. 

سيكون لنجاح موسم الشراء المقبل دور كبير في تحديد قدرة الحكومة على إدارة كل من الأمن الغذائي واستقرار الأسعار. إذا تمكنت الحكومة من تحقيق هدف الشراء، سيكون لديها مرونة أكبر في استخدام برنامج مبيعات السوق الحرة (OMSS) لتحقيق الاستقرار في السوق. لكن، إذا كانت المشتريات غير كافية، قد تواجه الحكومة اختيارات صعبة، بما في ذلك احتمال استيراد القمح. 

النتيجة 

يواجه قطاع القمح في الهند مرحلة حاسمة. بينما من المتوقع أن يكون هناك زيادة في الإنتاج، إلا أن ديناميكيات السوق تشير إلى استمرار التحديات في السيطرة على التوريد والأسعار. ستكون الأشهر القادمة حاسمة في تشكيل سياسة القمح في البلاد وتوجهات السوق. 


في الوقت الراهن، سيواصل صانعو السياسات والتجار والمزارعون مراقبة الوضع عن كثب، مدركين أن كل قرار من استراتيجيات التوريد إلى التدخلات في السوق سيكون له آثار واسعة على الأمن الغذائي والتضخم. مع تطور حكاية موسم القمح لعام 2025، سيتضح ما إذا كانت الهند ستتمكن من التغلب على تحدياتها بنجاح أو إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد من التعديلات في السياسة المتبعة. 


مقالات في فئة منصة التكنولوجيا
28 جمادى الثانية 144312 دقيقة للقراءة

مطاحن الخليج الكبرى: مورد دقيق موثوق به يقع عند مفترق طرق التجارة

21 شعبان 14405 دقيقة للقراءة

«أكيوريك تكنولوجي Akyürek Teknoloji تخاطب العالم أجمع»

«نحن نصنع آلات فرز المواد الغذائية الجافة ونبيعها في كل من العالم. صدرنا لما يزيد عن 90 دولة. زادت ...

26 ربيع الأول 14436 دقيقة للقراءة

الجائحة أدت إلى تسريع اتجاه الأمن الغذائي والاستدامة في المطاحن

أندرياس هاميل كبير الموظفين التقنيين وينغمان جروب «نعتقد بأننا نسير على الطريق الصحيح مع خدماتنا ...