بعد أن مر سوق الحبوب بهدوء نسبي في عام 2024، يحمل العام الجديد مزيجاً من الاستقرار وعدم اليقين. على عكس الاضطرابات الدراماتيكية التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا قبل عامين، بدأ السوق العالمي عام 2025 بشكل أكثر استقراراً. ومع ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية وحالات عدم اليقين الاقتصادية الكلية تخلق بيئة تجارية معقدة. يتعين على الفاعلين في السوق التحرك بحذر في هذا البيئة المعقدة التي تشكلها قوى متعارضة.
شهدت الأسواق العالمية للحبوب استقراراً عاماً خلال عام 2024. وجاء هذا الاستقرار نتيجة لتأثير الظروف الجوية الإيجابية في بعض المناطق، والتي عوضت التأثيرات السلبية للطقس في مناطق أخرى. وعلى الرغم من التأثيرات السلبية في بعض المناطق، ظل إنتاج القمح والذرة والأرز وفول الصويا مستقراً عالمياً. من ناحية أخرى، كانت أسعار السلع الغذائية العالمية في عام 2024 أقل بنسبة 2.1% في المتوسط مقارنة بعام 2023. وانخفض مؤشر أسعار الحبوب الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بنسبة 13.3% عن العام السابق، ليصل إلى 113.5 نقطة، مسجلاً ثاني تراجع سنوي له بعد المستويات القياسية التي بلغها في عام 2022.
تشير توقعات وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) لشهر يناير إلى أن التوترات الجيوسياسية، وأسواق الطاقة المتقلبة، والظروف الجوية غير المواتية ستؤدي إلى تقلص المعروض من الحبوب الرئيسية خلال موسم 2024-2025. ومن المتوقع أن يصل الإنتاج العالمي من القمح في هذا الموسم إلى 793.2 مليون طن، ما يمثل زيادة طفيفة مقارنة بالموسم السابق. ومع ذلك، من المتوقع أن تنخفض المخزونات العالمية من القمح إلى 258.9 مليون طن، مسجلة تراجعاً بنسبة 3.2% مقارنة بموسم 2023-2024. ويعكس هذا الانخفاض نقص المعروض في ظل استقرار مستويات الاستهلاك. كما يُتوقع أن ينخفض حجم صادرات القمح إلى 212.3 مليون طن خلال موسم 2024-2025، أي أقل بنسبة 5.3% من المستوى المسجل في الموسم السابق، والذي بلغ 224.1 مليون طن.
يواجه المعروض العالمي من الذرة ضغوطاً نتيجة انخفاض الإنتاج والمخزونات. من المتوقع أن يبلغ إنتاج الذرة 1,214.3 مليون طن، ما يمثل تراجعاً بنسبة 1.3% مقارنة بالموسم السابق. كما يُتوقع أن تسجل المخزونات في نهاية الموسم انخفاضاً أكبر، لتصل إلى 254.2 مليون طن، أي بانخفاض قدره 6.8% مقارنة بموسم 2023-2024.
يبقى الإنتاج العالمي للأرز قوياً، حيث من المتوقع أن يبلغ حوالي 532.9 مليون طن في موسم 2024-2025. أما بالنسبة لفول الصويا، فمن المتوقع أن يكون المعروض العالمي كافياً، شريطة استمرار الظروف الجوية المواتية في أمريكا الجنوبية خلال الأشهر المقبلة.

يصبح هذا المشهد عن الإنتاج أكثر تعقيداً بفعل العوامل الخارجية التي تشكّل الأسواق العالمية. فقد تؤدي التغييرات المحتملة في السياسات التجارية الأمريكية، والصراعات المستمرة في منطقة البحر الأسود، وحالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط إلى اضطراب الأسواق الزراعية والسلع الغذائية العالمية. وفي الوقت الذي تستمر فيه الظواهر الجوية السلبية، مثل الجفاف والفيضانات، في التأثير على الإنتاج واللوجستيات، فإن تقلبات أسعار الطاقة —وخاصة الغاز الطبيعي— قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الأسمدة، مما يزيد من تكاليف المدخلات الزراعية.
حروب تجارية جديدة قد تهز أسواق الحبوب العالمية
في حديثه لمجلة الطحان، شارك جو غلاوبر، كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) وكبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، رؤيته حول التأثيرات المحتملة لعودة دونالد ترامب إلى الرئاسة على أسواق الحبوب العالمية في عام 2025. وأكد غلاوبر أن تهديدات ترامب باستخدام التعريفات الجمركية كأداة لتحقيق أهدافه في التجارة والسياسة الخارجية قد تؤدي إلى حالة من عدم اليقين الكبير في الأسواق العالمية للحبوب. ومع ذلك، لا تزال الأهداف والإجراءات المحددة غير واضحة. اقترح ترامب، عندما كان مرشحاً للرئاسة، اقترح فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الصين، وفرض تعريفات تتراوح بين 10% و20% على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وبعد انتخابه، هدد بزيادة الرسوم الجمركية على الصين بمقدار 10 نقاط مئوية، وفرض رسوم بنسبة 25% على كندا والمكسيك إذا لم تحلا قضايا الهجرة والاتجار بالمخدرات على الحدود. كما اقترح ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول مجموعة «بريكس» في حال تخلت عن استخدام الدولار الأمريكي.
رغم عدم اليقين بشأن ما إذا كانت هذه التهديدات ستتحقق بعد تولي ترامب منصبه في شهر يناير، أو ما إذا كانت مجرد خطابات سياسية، فقد حذّر غلاوبر من التأثيرات المدمرة المحتملة لحرب تجارية، قائلاً: «هناك شيء واحد واضح، إذا اندلعت حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، أو بين الولايات المتحدة وشركائها في نافتا، أو بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فمن المرجح أن يكون قطاع الزراعة هو الأكثر تضرراً». واستشهد غلاوبر بفترة رئاسة ترامب الأولى، مشيراً إلى أن إجراءات الانتقام التجاري التي اتخذتها الدول الأخرى استهدفت بشكل متكرر صادرات الولايات المتحدة الزراعية. وقد أدت هذه الإجراءات إلى خسائر كبيرة لمزارعي الحبوب الأمريكيين، ولم يتمكن سوى الدعم الحكومي الواسع من الحيلولة دون حدوث انخفاض حاد في دخولهم.
تجارة الحبوب في قبضة المخاطر الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي الكلي
في تقييماته لمجلة الطحان، أشار مدير قسم الأبحاث في شركة Peak Trading Research، ديف وايتكومب، إلى أن «المشاركين في السوق يجب عليهم أن يتجاوزوا بعناية شبكة معقدة من وفرة العرض، والتوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين الاقتصادي». وأكد وايتكومب على التوازن الدقيق الذي يجب على تجار الحبوب وأصحاب المصلحة في القطاع المحافظة عليه. وبحسب وايتكومب، فإن البرازيل، مع الظروف الجوية المواتية، ستهيمن على مسألة العرض، حيث تستعد البلاد لعام قد يكون فيه الإنتاج قياسياً. وقال وايتكومب: «تشير مؤشرات الحصاد المبكر والوضع الزراعي إلى أن البلاد قد تحقق رقماً قياسياً في إنتاج فول الصويا يتجاوز 170 مليون طن. هذه الوفرة قد تؤثر بشكل كبير على تدفقات التجارة العالمية، خاصة فيما يتعلق بتوقعات الصادرات الأمريكية التي ستبدأ في فبراير 2025».
تضيف البيئة الجيوسياسية مزيداً من الغموض إلى أسواق الحبوب. وأكد وايتكومب أن السياسات التجارية للإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة التهديدات المتعلقة بالرسوم الجمركية، قد أثرت بالفعل على سلوك السوق، وقال: «التجار يسارعون لتأمين الشحنات قبل تطبيق التعريفات الجمركية لعام 2025. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع في الطلب يبدو أنه في اتجاه التباطؤ». بالإضافة إلى ذلك، فإن تقلبات أسعار النفط الخام الناجمة عن التوترات الجيوسياسية المستمرة تؤثر على الأسواق بشكل عام، حيث توفر الدعم في بعض الأحيان، وتعمل كمؤثر سلبي في أحيان أخرى.»
تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين هو عامل حاسم آخر. وأشار وايتكومب إلى أن «اليوان انخفض مؤخراً إلى أدنى مستوى له في 15 شهر، وتراجع السندات يعكس مخاوف أكبر مستهلك للسلع في العالم من تباطؤ النمو. هذه الهشاشة الاقتصادية لدى أكبر مستورد للمنتجات الزراعية قد تؤثر بشكل كبير على اتجاهات الطلب العالمية».

أشار وايتكومب إلى أن سياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وقوة الدولار الأمريكي ستظل عوامل حاسمة في تحديد توجهات أسواق الحبوب، موضحاً أن قوة الدولار تواصل تأثيرها المستمر على أسواق السلع، حيث تشكل عاملاً مؤثراً على الدوام في الاتجاهات السوقية، مشيراً إلى أن مسار الدولار سيتأثر بشكل كبير بالبيانات الاقتصادية مثل معدلات التضخم والبطالة.
ختم ديف وايتكومب توقعاته لعام 2025 بتوجيه دعوة واضحة للعمل: «مع تداخل هذه القوى المختلفة، يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً يتطلب استراتيجيات تجارية مرنة. على الرغم من أن توازنات العرض قد تكون في اتجاه هبوطي مع الإنتاج القياسي في أمريكا الجنوبية، فإن التفاعلات بين التوترات الجيوسياسي وأسواق الطاقة والنماذج الموسمية قد تخلق فرصاً دورية. من المحتمل أن يكون النجاح مرتبطاً ارتباطاً كبيراً بقدرة السوق على موازنة هذه العوامل المتنافسة، مع البقاء يقظين تجاه التغيرات الجوية، التغيرات السياسية والمؤشرات الاقتصادية الكبرى.»
الديناميكيات المناخية العالمية
في حين أن المخاطر الجيوسياسية داخلة في صميم المناقشات حول أسواق الحبوب، من المهم كذلك مراعاة تأثيرات المناخ والظروف الجوية. في تصريحات خاصة لمجلة الطحان، قالت ناتاليا سكوراتوفيتش، المحللة البارزة في EarthDaily Agro، إن أحدث الظروف الجوية والمحيطية تظهر نماذج محايدة لـ «ENSO» منذ مايو 2024. وأضافت سكوراتوفيتش: «درجات حرارة سطح البحر في معظم أنحاء المحيط الهادئ الاستوائي الأوسط والشرقي تحت المعدل قليلاً». رغم هذه الظروف، أظهرت آخر التحديثات من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالية لظهور ظروف «لا نينا» خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. ومع ذلك، أشارت سكوراتوفيتش إلى أن هذه الظروف يُتوقع أن تكون «ضعيفة وقصيرة الأمد». في سياق التغير المناخي المستمر، أضافت سكوراتوفيتش أن التأثير المبرد لظاهرةـ «لا نينا» قد يؤثر مؤقتاً على نماذج الطقس العالمية، لكنه لن يعكس العواقب طويلة المدى للاحتباس الحراري. وقالت: «من المحتمل أن يكون التأثير المبرد لظاهرة «لا نينا» قصير الأمد، ولن يعكس التأثيرات طويلة المدى للاحتباس الحراري».

عند دراسة المخاطر الجيوسياسية التي تواجه قطاع الحبوب، من المهم أيضاً التركيز على المناطق والدول التي تلعب دوراً كبيراً في الإنتاج والتصدير والاستيراد العالمي للحبوب. يؤثر اللاعبون الرئيسيون مثل الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وأمريكا اللاتينية، وأستراليا، وروسيا على استقرار أسواق الحبوب العالمية وتدفقاتها. إن فهم اتجاهات الإنتاج في هذه المناطق، واستراتيجيات التصدير، والظروف الاقتصادية يوفر معلومات حيوية حول مستقبل صناعة الحبوب والتحديات التي قد تواجهها في السنوات القادمة.
إنتاج الاتحاد الأوروبي للحبوب سيزداد
في أول تقدير لها لمحصول 2025، أشارت رابطة تجارة الحبوب الأوروبية COCERAL إلى زيادة معتدلة في إنتاج الحبوب في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعددهم 27. ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج الحبوب في 2025 إلى 274.9 مليون طن، مقارنة بـ 259.3 مليون طن في 2024، مما يعكس زيادة سنوية بنسبة 6%، بناءً على زيادة المحصول وتوسيع مساحات الزراعة في بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
من المتوقع أن يرتفع إنتاج القمح الليّن في الاتحاد الأوروبي من 114.1 مليون طن في عام 2024 إلى 126.5 مليون طن في عام 2025، بزيادة قدرها 10.9%. كما يُتوقع أن يرتفع إنتاج الذرة في الاتحاد الأوروبي من مستوى 60 مليون طن إلى 61.8 مليون طن.
محصول القمح الروسي سينخفض إلى أدنى مستوى له من 2021 حتى الوقت الحالي
رغم الانخفاض الكبير في الإنتاج، حافظت روسيا على مكانتها كأكبر مصدّر للقمح في العالم في عام 2024. تواصل البلاد كونها المورد الأكبر للمناطق الرئيسية مثل الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. في نهاية شهر نوفمبر، أعلنت موسكو عن حصة تصدير قدرها 11 مليون طن من القمح للفترة بين 15 فبراير و30 يونيو 2025. هذه الحصة أقل بكثير مقارنة بحصة العام الماضي التي بلغت 29 مليون طن لجميع الحبوب خلال نفس الفترة. يشير تقليص الحصة إلى أن العرض من القمح من روسيا سيكون أقل بكثير في النصف الثاني من الموسم الحالي.
بحسب هيئة الإحصاء الروسية Rosstat، تراجع حصاد الحبوب في عام 2024 إلى 124,96 مليون طن، بعد أن كان 144,96 مليون طن في عام 2023. انخفض إنتاج القمح من 92,9 مليون طن في عام 2023 إلى 82,4 مليون طن؛ كما تراجع إنتاج الشعير من 21,1 مليون طن إلى 16,7 مليون طن؛ في حين انخفض إنتاج الذرة من 16,6 مليون طن إلى 13,2 مليون طن.

قامت شركة SovEcon، إحدى الشركات الرائدة في استشارات أسواق الحبوب في البحر الأسود، بتعديل توقعاتها لإنتاج القمح في روسيا لعام 2025 في نهاية شهر ديسمبر، حيث خفضت توقعاتها بمقدار 3 ملايين طن لتصبح 78,7 مليون طن. إذا تحققت هذه التوقعات، فسيكون هذا أقل محصول قمح منذ عام 2021 وأقل من المتوسط لخمس سنوات البالغ 88,2 مليون طن. كما خفضت SovEkon تقديراتها لصادرات القمح الروسية من 44,1 مليون طن في شهر نوفمبر إلى 43,7 مليون طن.
شكل صادرات الحبوب الأوكرانية
وفقاً لبيانات وزارة السياسات الزراعية الأوكرانية، من المتوقع أن يبلغ إجمالي صادرات الحبوب والبذور الزيتية لأوكرانيا في موسم 2024/25 نحو 46,9 مليون طن. يُتوقع أن يصل تصدير القمح إلى 16,2 مليون طن، بينما يُتوقع أن يصل تصدير الذرة إلى 20,5 مليون طن. كما تجاوز إنتاج القمح في أوكرانيا التوقعات ليصل إلى 22,3 مليون طن. وعلى الرغم من التحديات الناتجة عن الظروف الجوية السلبية خلال موسم زراعة القمح الشتوي، من المتوقع أن تزداد مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في البلاد. أما تقدير شركة SovEkon لأول محصول قمح أوكراني لعام 2025 فهو 21,1 مليون طن، وهو أقل من المتوسط لخمس سنوات البالغ 24,2 مليون طن.
سنة متفائلة للحبوب البرازيلية
دخل قطاع الزراعة في البرازيل عام 2025 بحالة تفاؤل بعد عام 2024 الصعب. وقال لويز كارلوس دوس سانتوس جونيور.، نائب مدير شركة SA Commodities البرازيلية، في تصريح له لــمجلة الطحان، «على الرغم من أن القطاع شهد انخفاضاً بنسبة 3% العام الماضي وكان بمثابة عائق للاقتصاد البرازيلي، إلا أنه من المتوقع أن يسهم هذا العام في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد». ويتوقع المحللون أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الزراعي في عام 2025 بنسبة تتراوح بين 3% و 5,5%. وعلى الرغم من التعافي مقارنة بعام 2024، إلا أنه لا يزال أقل من النمو الكبير الذي بلغ 16% في عام 2023.
وفقاً لأحدث التقديرات، من المتوقع أن يرتفع إنتاج الحبوب في البرازيل بنسبة 8.2% (أو 24.5 مليون طن) ليصل إلى 322.4 مليون طن مقارنة بموسم 2023/24. ويقود إنتاج فول الصويا الزيادة بنسبة 12.5% مقارنة بالعام السابق، مع تقديرات الإنتاج التي تبلغ 166.2 مليون طن. قال لويز: «لقد كانت الظروف الجوية مواتية لزراعة فول الصويا في جميع المناطق، مما ساعد في تسريع عملية الزراعة». ورغم أن زراعة الذرة المبكرة تغطي 65.1% من المساحة المتوقعة، إلا أن الأسعار المنخفضة لهذا الحبوب أدت إلى انخفاض المساحة المزروعة بنسبة 5.9%. أما في القمح، فقد شهدت المساحة المزروعة انخفاضاً طفيفاً، لكن الظروف الجوية المحسنة في منطقة وسط-جنوب البلاد أدت إلى تحقيق إنتاجية أفضل مقارنة بعام 2023.

وفيما يتعلق بتجارة الحبوب، صرح لويز قائلاً: «على جبهة الصادرات، تستعد البرازيل لتصدير 103 مليون طن من الحبوب في عام 2025. ومع ذلك، لا تزال التحديات اللوجستية قائمة، ويواصل القطاع توخي الحذر تجاه التطورات الجيوسياسية، بما في ذلك في الولايات المتحدة. داخلياً، من المتوقع أن تلبّي إنتاجات فول الصويا، بالتزامن مع الطلب على الديزل الحيوي، مستويات استهلاك قياسية». وأشار لويز إلى تحدٍّ مهم آخر أيضاً، وهو ارتفاع الدولار. وقال: «إن قوة الدولار تزيد من الصادرات، ولكنها ترفع تكاليف استيراد المدخلات الأساسية مثل الأسمدة والمبيدات الزراعية، مما يضغط على هوامش الربح، خاصة لدى المنتجين الصغار والمتوسطين». وأكد الخبير البرازيلي على ضرورة الاستثمار في الإنتاج المحلي للمدخلات وتقنيات زيادة الإنتاجية للتخفيف من هذا الوضع.
شكل القمح الأسترالي
شارك خبير الاقتصاد الزراعي و مؤلف كتاب «الحرب والقمح» دينيس فوزنيينسكي آراءه مع مجلة الطحان حول آفاق القمح في أستراليا لعام 2024/25، مشيراً إلى التطورات في إنتاج وتصدير القمح في البلاد. ومع انتهاء موسم حصاد المحاصيل الشتوية في أستراليا، يُتوقع أن ينتج البلد حوالي 30.6 مليون طن من القمح، مما يُظهر زيادة كبيرة مقارنة بـمستوى 25.9 مليون طن في العام السابق. وأوضح فوزنيينسكي أنه على الرغم من بعض التأخيرات المرتبطة بالظروف الجوية، فإن الحصاد قد تجاوز التوقعات، ومن المتوقع أن يصل إنتاج القمح في غرب أستراليا إلى 10.8 مليون طن، ليحقق ثالث أكبر مستوى إنتاج قياسي.
بالإضافة إلى نتائج الحصاد الإيجابية، لعب انخفاض قيمة الدولار الأسترالي دوراً مهماً في الحفاظ على أسعار القمح المحلي قوية. فقد انخفض الدولار الأسترالي من 0.69 دولار أمريكي في سبتمبر 2024 إلى 0.62 دولار أمريكي في يناير 2025. وأشار فوزنيينسكي إلى أن هذا التغيير في سعر الصرف حال دون هبوط أسعار القمح إلى المستويات الموسمية المعتادة التي تكون خلال فترة الحصاد.
شكل واردات القمح المصرية
نظراً لمكانتها كأكبر مستورد للقمح في العالم، فإن دور مصر في أسواق الحبوب العالمية يعد مهماً. وفي حديثها إلى مجلة الطحان، قدمت نوران عزالدين، الرئيسة التنفيذية لشركة غرانوس أوروس للأعمال الزراعية العالمية والتصدير ومقرها مصر، رؤيتها حول توقعات واردات مصر من القمح في عام 2025. وأوضحت عزالدين أن حاجة مصر لاستيراد القمح تظل ذات أهمية نظراً لعدد سكانها الكبير والدور المركزي الذي يلعبه القمح في تغذية البلاد، خاصة في برنامج دعم الخبز، قائلة: «من المتوقع أن تظل حاجتنا إلى واردات القمح مرتفعة في عام 2025. يُتوقع أن يصل الإنتاج المحلي من القمح في موسم 2024/2025 إلى حوالي 9.5 مليون طن، لكن إجمالي الاستهلاك سيتجاوز 18 مليون طن. هذا يخلق فجوة كبيرة، مما يجعل استيراد القمح أمراً ضرورياً.»
أشارت عزالدين إلى أن روسيا هي المورد الأكبر للقمح لمصر، حيث تشكل الواردات الروسية حوالي 50-55% من إجمالي واردات البلاد، تليها أوكرانيا بحصة 20-25%. ومع ذلك، يمكن أن تؤث التوترات الجيوسياسية، خاصةً النزاع المستمر في أوكرانيا، على إمكانية وصول القمح وأسعاره. وأوضحت عزالدين أن مصر، لتقليل هذه المخاطر، نوّعت مورديها في السنوات الأخيرة، وقالت: «برزت الهند مؤخراً كمورد رئيسي. كما تلعب دول مثل الأرجنتين وفرنسا دوراً مهماً في وارداتنا.» وأضافت أنه تم شراء 1.267 مليون طن من القمح حتى يونيو 2025، معظمها من روسيا ورومانيا وأوكرانيا.