كاروليس شيماس
رئيس منظمة مشغلي وتجار الحبوب في ليتوانيا
أوضح رئيس جمعية مُعالجي وتجار الحبوب في ليتوانيا، كاروليس شيماس، في مقابلة له مع مجلة الطحان أن ليتوانيا تتميز بإنتاجها عالي الجودة من الحبوب، وبنيتها التحتية اللوجستية المستدامة، وقدرتها على التكيف السريع مع التغيرات في الأسواق العالمية. وأشار شيماس إلى أن الظروف العالمية أصبحت أكثر غموضاً، مما دفع ليتوانيا إلى التوجه نحو أسواق جديدة في صادرات الحبوب، موضحاً أن هناك تحولاً من الأسواق الشرقية نحو إفريقيا وأمريكا الجنوبية.

ليتوانيا هي إحدى دول البلطيق التي تعتمد على الزراعة اعتماداً قوياً، وهي لاعب رئيسي في التجارة العالمية للحبوب. وإلى جانب لاتفيا وإستونيا، تُصنف ليتوانيا ضمن أكبر مُصدّري الحبوب في المنطقة، حيث تُصدّر أكثر من ثلثي إنتاجها. القمح وبذور اللفت هما من أهم المنتجات في صادرات البلاد، إذ تشتهر ليتوانيا بإنتاجها عالي الجودة، لا سيما في تصدير القمح المتجانس عالي الجودة. كما أن بنيتها التحتية اللوجستية المتطورة تتيح نقل الحبوب إلى الأسواق العالمية بسرعة وكفاءة عاليتين.
في تصريحاته لمجلة الطحان حول دور ليتوانيا في الأسواق العالمية للحبوب والفرص والتحديات التي تواجه هذا البلد، أكد كاروليس شيماس أن أسواق التصدير تشكّل عنصراً حاسماً بالنسبة للقطاع الزراعي الليتواني. وقال: اهذا الموسم، ليتوانيا مرشحة لتكون من أكبر ثلاثة مُصدّرين للقمح في الاتحاد الأوروبي.ب
إن التغيرات الأخيرة في الديناميكيات الجيوسياسية دفعت ليتوانيا إلى إعادة النظر في استراتيجيتها ضمن التجارة العالمية للحبوب. وفي هذا السياق، اتجهت البلاد نحو تنويع أسواق التصدير، مع التركيز على إفريقيا وأمريكا الجنوبية. وأشار كاروليس شيماس إلى هذا التحول قائلاً: اصادرات الحبوب الليتوانية تنتقل من الشرق إلى الغربب، موضحاً أن الأسواق التقليدية مثل تركيا والسعودية بدأت تفسح المجال لأسواق جديدة مثل نيجيريا، ألمانيا، جنوب إفريقيا، المغرب، وإسبانيا.
سيّد شيماس، ما هو دور دول البلطيق في إنتاج الحبوب العالمي؟ وما هي أبرز المنتجات في المنطقة؟
ليتوانيا، مثل جيرانها، دولة صغيرة، وبالتالي لا ننتج الحبوب بنفس القدر الذي تنتجه الدول الكبرى. ومع ذلك، فإن ليتوانيا، إلى جانب لاتفيا واستونيا، تعد من المصدّرين الرئيسيين للحبوب. حيث تصدّر ليتوانيا أكثر من 2/3 من إنتاجها من الحبوب، بينما يتم معالجة الباقي محلياً. المنتجات الرئيسية التي تصدرها هي القمح و بذور اللفت. ومن المتوقع أن تكون ليتوانيا واحدة من أول ثلاث دول مصدّرة للقمح في الاتحاد الأوروبي هذا الموسم. أما بالنسبة صادرات الفول، فإن ليتوانيا هي ضمن أول ثلاث دول على مستوى العالم، وبخلاف ذلك، يتم تصدير الشعير، التريتيكالي، والبازلاء الصفراء، ولكن لها دور أصغر على الصعيد العالمي.
هل تعطينا معلومات عامة حول صناعة الحبوب في ليتوانيا؟ ما هي نقاط القوة في القطاع وما هي مساهمته في الاقتصاد الوطني؟
تُخصص المساحات الزراعية الأساسية، على حوالي 1.8 مليون هكتار، لثمانية سلع رئيسية. حوالي ثلثي محصول الحبوب، أي ما يعادل حوالي 5 ملايين طن، يُصدّر سنوياً، بينما يُستخدم الباقي للاستهلاك المحلي والمعالجة.
على الرغم من كوننا دولة صغيرة جداً، إلا أننا دولة زراعية كبيرة. نحن دولة تمتلك أكثر من هكتار واحد لكل فرد من الأرض الزراعية (يتم استخدام حوالي 3 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية). ليتوانيا تصدر سنوياً 1.3 طن من القمح للفرد في المتوسط، ويتم معالجة 0.5 طن من القمح للفرد للاستهلاك المحلي. وتعتبر هذه الأرقام من أعلى المعدلات على مستوى العالم.
في عام 2023، أنتج أعضاء منظمة معالجي وتجار الحبوب الليتوانية 1.76 مليون طن من المنتجات، شملت: أعلاف الحيوانات الأليفة، والمنتجات الغذائية مثل الدقيق، والمكرونة، ومعجون الشوفان، والنودلز، ورقائق الذرة، والسميد، والجرانولا، بالإضافة إلى المُلت، والنشا، والغلوتين، والشراب، فضلاً عن الوقود الحيوي، وزيت الكانولا، والغليسرول. تم تصدير حوالي نصف هذه المنتجات تقريباً. كما نواصل الاستثمار في ليتوانيا بهدف معالجة أكبر قدر ممكن من الحبوب. من خلال مشاريع استثمارية جديدة لم نبدأ بها بعد، سنزيد قدرتنا على معالجة القمح إلى سعة 0.5 مليون طن، ومعالجة بذور اللفت إلى 0.3 مليون طن. وبهذا، ستتمكن ليتوانيا من معالجة أكثر من مليون طن من الحبوب، مما سيوفر زيادة تتجاوز 50% في القدرة المحلية على المعالجة.

نأمل ألا يؤدي هذا الارتفاع في كمية المعالجة إلى انخفاض في إمكانات التصدير الحالية. إذ إن إمكانات المزارعين الليتوانيين تدعم هذا التوقع. بدأت المزارع في الآونة الأخيرة في ليتوانيا بالاندماج، مما كان له تأثير إيجابي على مراقبة الجودة وضمانها. حالياً، تُصنف نحو 75%من المزارع الليتوانية على أنها متقدمة وتمتلك تقنيات قوية، في حين أن 25% منها صغيرة الحجم وغالباً لا تُدار بطريقة احترافية. إن تعزيز كفاءة هذه المزارع سيمكنها من تحقيق معدلات إنتاج أعلى للحبوب. هدفنا هو الحفاظ على جودة حبوبنا وتحسينها، إذ إن هذا الطابع المميز هو ما يضمن استمرار قدرتنا التنافسية.
كيف تقيمون أداء قطاع معالجة وتجارة الحبوب في ليتوانيا خلال العام الماضي؟ وما أبرز النجاحات والتحديات التي واجهها القطاع؟
أود تسليط الضوء على أربعة إنجازات رئيسية لقطاع معالجة وتجارة الحبوب في ليتوانيا. الأول يتمثل في أن دول البلطيق، بما في ذلك ليتوانيا، لطالما كانت دول عبور تقليدية، حيث تتمتع ليتوانيا ببنية تحتية متطورة جداً في مجال السكك الحديدية. وقد أدت القيود المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا إلى انخفاض كبير في حجم نقل الترانزيت. إلا أن لهذا الوضع جانباً إيجابياً، حيث ساهم في تعزيز إمكانات نظام السكك الحديدية والموانئ، مما وفر قدرة إضافية للوجستيات المنتجات الزراعية وسرّع عمليات النقل.
بالإضافة إلى ذلك، لدينا أنظمة لوجستية مستدامة لنقل الحبوب إلى ميناء كلايبيدا باناماكس. حيث يتم نقل حوالي ثلثي صادرات الحبوب الليتوانية عبر السكك الحديدية، بينما يتم نقل الجزء المتبقي بواسطة الشاحنات إلى الميناء. وتتميز لوجستيات العربات بإنتاج انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل بمقدار 6 مرات مقارنةً بالشاحنات، مما يشكل ميزة مهمة في تنفيذ سياسات الاتفاقية الخضراء للاتحاد الأوروبي في المستقبل.

توجد ميزة أخرى ألا وهي أن ليتوانيا بلد صغير جداً، حيث يتم نقل الحبوب من مسافة تتراوح بين 100 و200 كيلومتر إلى الميناء. وهذا يجعل أنظمتنا اللوجستية مستدامة ومنخفضة التكلفة، مما يضمن تأدية طلبات الشراء بسرعة وكفاءة.
أخيراً، تتمتع ليتوانيا ببنية تحتية متطورة جيداً لنقل وتخزين الحبوب، مع قدرة تخزين كبيرة محلياً للحبوب والبذور الزيتية. معظم هذه المنشآت والمرافق استعادت تكاليفها الاستثمارية بالفعل، لكنها ليست قديمة للغاية، مما يسمح باستخدامها لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 عاماً أخرى.
تهيمن الشركات الليتوانية على قطاع معالجة وتجارة الحبوب، مع وجود عدد قليل من الشركات الإسكندنافية أيضاً. تعمل معظم هذه الشركات منذ استقلال ليتوانيا، وقد ساهمت فعلياً في نمو القطاع. كما يُعرف التجار والمشترون الليتوانيون بأنهم مقاولون موثوق بهم في السوق.
ما الذي يجعل القمح الليتواني قادر على المنافسة في الأسواق العالمية؟
تُعرف ليتوانيا بجودة قمحها العالية، حيث يتم بيع معظم إنتاجها مباشرةً إلى المطاحن العالمية بدلاً من الاعتماد على المناقصات الحكومية في الدول المستوردة. تعتمد جودة القمح على عدة عوامل، أهمها احترافية المزارع وجودة البذور وطريقة تجهيزها. لذلك، عندما تكون الظروف الجوية مواتية، تنتج ليتوانيا قمحاً عالي الجودة للغاية. القمح هو المنتج الأكثر شيوعاً في ليتوانيا، حيث تُستخدم بذور القمح من الفئتين E وA، بينما يكاد لا يكون هناك أي إنتاج من قمح الأعلاف.
في الماضي، كانت حوالي 70% من محاصيل القمح تحتوي على نسبة بروتين تتراوح بين 13.5% و15%، مما يجعلها مناسبة لإنتاج خبز عالي الجودة. إلا أن الانخفاض في مستويات الأسمدة نتيجة لسياسات الاتفاقية الخضراء الأوروبية أدى إلى تراجع طفيف في جودة الحبوب خلال السنوات الأخيرة. إجمالي حصاد القمح حالياً هو 50% تقريباً قمح خبز بنسبة بروتين 12.5%، 25% تقريباً قمح بنسبة بروتين 13-14%، و25% قمح بنسبة بروتين 11.5%.
نحن نصدر قمحنا الخاص فقط ولا نستورده من دول أخرى، ولذلك فإن حبوبنا متجانسة وعالية الجودة. كل عام، تقوم منظمة معالجي وتجار الحبوب في ليتوانيا بإجراء اختبارات طهي خاصة في مختبرات مختلفة حول العالم، بهدف فرز وتنقية أفضل أصناف القمح المخصص للخبز.
هل يمكنكم مشاركة التوقعات الخاصة بإنتاج الحبوب وصادرات ليتوانيا للموسم المقبل؟
يمثل القمح الشتوي وبذور اللفت حوالي 70% من إجمالي المساحة المزروعة. هناك توسع طفيف في المساحة المزروعة هذا العام. حالياً، تطور النباتات في حالة مثالية، لذلك إذا استمرت الظروف الجوية المناسبة، نتوقع محصولاً أفضل مقارنة بالعام الماضي. عادةً ما يبدأ الحصاد عندنا في شهر يوليو.
صادرات الحبوب الليتوانية تتجه نحو الغرب
كيف تأثرت تجارة الحبوب في ليتوانيا بتقلبات السوق العالمية للحبوب، بما في ذلك الاضطرابات في سلسلة الإمداد والتوترات الجيوسياسية؟
فيما يتعلق بتقلبات السوق، اكتسب المشترون والتجار المحليون خبرة كبيرة وأصبحوا أقوى من الناحية المالية. تُقدم للمزارعين مجموعة من الخيارات بشأن تثبيت الأسعار وطرق التسليم. يستخدم المزارعون أدوات مثل العقود المستقبلية، الخيارات، وطرق التحوط OTC؛ وتدار هذه الأدوات من قبل المشترين والتجار، مما يساعد المزارعين في حماية أنفسهم من تقلبات الأسعار. وتتمثل مهمة التاجر في موازنة المخاطر التي يواجهها المزارعون.
كما ذكرت قبل قليل، لدينا القدرة على تنظيم كميات كبيرة بسرعة عندما تفتح نافذة التصدير. نحن نصدر الحبوب إلى 50 دولة حول العالم ولدينا قمح يناسب كل نوعية، ونجد الأسواق المناسبة لهذه الأنواع من القمح. في الماضي، كانت الأسواق الرئيسية لتصدير الحبوب من ليتوانيا هي السعودية وإيران وتركيا وشرق أفريقيا ودول أخرى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA).
لكن وبسبب استخدام روسيا لصادرات الحبوب كأداة سياسية في سياستها الخارجية، فقد تحولت صادرات الحبوب من ليتوانيا في السنوات الأخيرة نحو الغرب. حلت أسواق جديدة مثل نيجيريا وألمانيا وجنوب أفريقيا والمغرب وإسبانيا مكان تركيا والسعودية. بالإضافة إلى ذلك، بدأنا في إجراء أولى مبيعاتنا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية (المكسيك وكندا)، وأحياناً نصل إلى آسيا ذ إندونيسيا وتايلاند وفيتنام والهند وبنغلاديش. ربما نصل يوماً ما إلى البرازيل وفنزويلا أيضاً.
يعتبر المزارعون الليتوانيون من بين أكثر المنتجين تنافسية في الاتحاد الأوروبي، ولذلك نبذل جهوداً كبيرة لزيادة صادرات الحبوب لمواكبة هذه المخاطر الجيوسياسية.
في ظل تأثير التوترات الجيوسياسية على طرق تجارة الحبوب، ما هي الخطوات التي يتخذها المصدّرون في منطقة بحر البلطيق لضمان سلسلة توريد مستقرة؟ كيف أثرت الحرب في البحر الأسود على دور بلدان البلطيق في توفير مسار بديل لصادرات الحبوب؟
يمكن أن تلعب ليتوانيا دوراً مهماً بكونها ممر لوجستي لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر موانئ بحر البلطيق عن طريق السكك الحديدية، إلا أن هذا المسار الحديدي يعبر عبر أراضي بيلاروسيا، مما يجعله غير مناسب لتصدير الحبوب الأوكرانية. ومع ذلك، تمتلك ليتوانيا جميع البنية التحتية اللازمة لمعالجة الحبوب، وتستورد فقط بعض الإضافات الغذائية. وبالتالي، لم تتسبب التحديات الجيوسياسية في تعطيل كبير لعمليات شركاتنا في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فقد دفعنا هذا الوضع إلى الاستعداد بشكل جيد للأزمات المحتملة والاستثمار في مصادر الطاقة البديلة. الآن، تحتوي جميع صوامع الحبوب تقريباً والشركات ذات الصلة على الألواح الشمسية.
كيف تؤثر سياسات ولوائح الاتحاد الأوروبي الزراعية على قطاع الحبوب في ليتوانيا؟ ما التحديات التي تواجهونها أثناء مواءمة القطاع مع السياسات الخضراء وأهداف الاستدامة للاتحاد الأوروبي؟
نعم، هذه اللوائح صارمة للغاية، وقد انخفضت جودة القمح الليتواني قليلاً. لقد استثمر المزارعون الليتوانيون بشكل كبير، واتخذوا أقصى التدابير، وقللوا استخدام الأسمدة والمبيدات، وتكيفوا مع الاتفاقية الخضراء. كان ذلك مكلفاً، لكننا الآن حققنا توازناً، وأصبحت الزراعة أكثر دقة وعناية.
ما هي الاتجاهات التي تشكل مستقبل صناعة الحبوب وتجارتها في ليتوانيا؟ ما هي التغيرات التي تلاحظونها في القطاع؟
يتحول تصدير الحبوب الليتوانية من الشرق إلى الغرب، ونخطط لتصدير جزء متزايد من محصولنا إلى الاتحاد الأوروبي. بسبب التغير المناخي وتراجع إنتاجية المزارع في دول أوروبا الغربية، سيصبح استيراد القمح من دول البلطيق، وبولندا، ورومانيا، وبلغاريا أكثر هيمنة بشكل متزايد.
هل يوجد تعاون بين دول البلطيق لتعزيز دورها الجماعي في تجارة الحبوب العالمية؟ وهل هناك استثمارات مستمرة في الموانئ والبنية التحتية اللوجستية لزيادة قدرة تصدير الحبوب؟
تعمل العديد من الشركات التجارية في جميع الدول الثلاث، لذلك يُنظر أحياناً إلى ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا على أنها سوق واحدة. وسعنا موانئنا قبل 10-15 عاماً لجعلها أكثر ملاءمة لشحن الحبوب. لكن مع توقف الترانزيت من الدول الشرقية، انخفضت أحجام الشحن عبر الموانئ إلى ما دون طاقتها الاستيعابية.
هل يوجد شيء آخر عن القطاع ترغبون بمشاركته معنا؟
نمتلك جميع الإمكانيات اللوجستية اللازمة لتصدير منتجاتنا بسرعة. يُعرف القمح الليتواني عالميًاً بجودته المستقرة، وسلسلة لوجستية تخضع لرقابة صارمة، وشهادات الصحة النباتية المعترف بها بالفعل في العديد من البلدان. تعد ليتوانيا لاعباً قوياً وموثوقاً في سوق تصدير الحبوب، ولا تقتصر على المواد الخام فحسب، بل تقدم أيضاً مجموعة واسعة من المنتجات القائمة على الحبوب.