تعد الجزائر من بين أكبر الدول المستهلكة والمستوردة للقمح في العالم. فعلى الرغم من زيادة إنتاج القمح المحلي فيها على مر السنين، إلا أن المحصول لا يزال يعتمد على الظروف المناخية المواتية وغير كافٍ لتلبية الطلب المحلي. تقدر وزارة الزراعة الأمريكية واردات الجزائر من القمح لموسم 2022/2023 بـ 8.3 مليون طن.
إن الجزائر هي أكبر دولة في إفريقيا، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 43 مليون نسمة ولديها موارد طبيعية هائلة. حيث أن أكثر من أربعة أخماس البلاد، التي تبلغ مساحتها 2 مليون 381 ألف كيلومتر مربع، مغطاة بالصحراء. بالإضافة إلى حجمها الجغرافي المثير للإعجاب، تمتلك الجزائر رابع أكبر اقتصاد في إفريقيا وهي واحدة من أكثر دول القارة تنافسية. تستضيف الجزائر عمليات الشركات متعددة الجنسيات في شمال غرب إفريقيا.
يعتبر القطاع الزراعي من أولويات الحكومة الجزائرية في جهودها الرامية لتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي والمحلي خارج قطاع الطاقة. حيث أن الزراعة، التي توظف 25 في المائة من السكان، هي ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي، بعد الهيدروكربونات، بحصة 10 في المائة. حيث يوجد في الجزائر حوالي 8.5 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة.
تخطط الحكومة الجزائرية، في البلد الذي يشجع على الزراعة الصناعية الحديثة، لتكثيف الإنتاج وإنعاش الموارد الطبيعية وتحسين استخدام الموارد المائية لزيادة التنمية الزراعية. حيث تعطي سياسة التنمية الجديدة للحكومة الأولوية للاستثمار في المنتجات الزراعية التي تضمن الأمن الغذائي في الجزائر. كما يتم تشجيع الاستثمارات الزراعية واسعة النطاق في العديد من المناطق. وتشجع أيضاً استراتيجية التنمية الزراعية الاستثمار الأجنبي المباشر والشراكات، وخاصة في إنتاج الحبوب والبذور الزيتية والسكر. كما تُمنح الحوافز لمشروعات صناعة معالجة الأغذية والتكرير. وتشمل هذه المشاريع دعم سعة تخزين الحبوب، وزيادة البنى التحتية لسلسلة التبريد ومشاريع التعبئة والتغليف.
يقود القطاع الخاص الإنتاج الزراعي وصناعة المعالجة. فعلى الرغم من تطور صناعة الأغذية المحلية، إلا أن الصناعة تعتمد بشكل أساسي على واردات المكونات والمواد الخام. بالإضافة إلى ذلك، فإن النمو السكاني وزيادة الطلب على الأطعمة المصنعة وتحسين القدرات الإنتاجية يدعم التوسع في صناعة معالجة الأغذية.
تتمتع الجزائر بواحد من أعلى مستويات نصيب الفرد من الإنفاق على المواد الغذائية في شمال إفريقيا، وذلك بفضل دخل الأسرة المرتفع نسبياً والطلب القوي من المستهلكين على الأطعمة والمشروبات عالية الجودة وذات الأسعار المعقولة. حيث تخصص الأسر الجزائرية 42 في المائة من نفقاتها السنوية للاحتياجات الغذائية. تتغير أذواق المستهلكين وتفضيلاتهم خاصة في المدن التي تكون فيها ربات البيوت الشابات أكثر نشاطاً ويزيد عدد النساء العاملات. فنتيجة لذلك، يتجه المستهلكون إلى المنتجات الجاهزة للأكل أو نصف الجاهزة.
يعبر القمح المدعوم من الحكومة منتج استراتيجي بالنسبة للجزائر. هذا البلد، حيث القمح هو المادة الغذائية الأساسية، هو مستهلك مهم للحبوب. حيث زاد استهلاك القمح في البلاد بشكل طفيف في السنوات الأخيرة نتيجة لزيادة الأماكن الحضرية والنمو السكاني وزيادة قدرات الطحن. تعتبر هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم. وعلى الرغم من تحسن إنتاج القمح المحلي على مر السنين، إلا أنه لا يزال يعتمد على الظروف الجوية ولا يلبي الطلب المحلي. لذلك، تواصل الجزائر استيراد القمح.
إنتاج القمح الموسمي يقدر بـ 3.3 مليون طن لموسم 2022/2023
ترى الحكومة الجزائرية زيادة إنتاج القمح هو أولوية وطنية. ففي هذه المرحلة، يستمر برنامج تعزيز الري في المناطق الجنوبية والشمالية من البلاد للتعويض عن نقص هطول الأمطار وتحسين إنتاج الحبوب. حيث أعلن وزير الزراعة الجزائري عبد الحميد حمداني أنهم يخططون لزيادة المساحة المزروعة بالقمح إلى 3.5 مليون هكتار أكثر بالمقارنة مع السنة الماضية. ومع ذلك، في أحدث تقرير لها نُشر في 30 سبتمبر، قدرت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) أن مساحة أراضي زراعة القمح الجزائرية لموسم 2022/2023 ستزيد قليلاً عن مليوني هكتار. حيث يبدأ في الجزائر موسم حصاد الحبوب في مناطق جنوب الصحراء في نهاية أبريل ويستمر حتى مايو. بينما في المناطق الشمالية، يبدأ الحصاد في نهاية مايو وينتهي في أغسطس.
على الرغم من تعهد الحكومة بزيادة إنتاج الحبوب، يُعتقد أن المزارعين لم يلجؤوا بجدية إلى زراعة القمح بسبب الآثار السلبية للجائحة. وبحسب وزارة الزراعة الأمريكية، ستنتج الجزائر 3.3 مليون طن من القمح و1.2 مليون طن من الشعير في موسم 2022/2023.
تعتبر الجزائر من بين أكبر مستهلكي القمح في العالم. ومع ذلك، تشجع الحكومة على تقليل استهلاك الخبز من أجل منع الهدر وتحاول تقليل أرقام الاستيراد من خلال تقليل الطلب على قمح الخبز. وعلى الرغم من ذلك، من المتوقع أن يظل استهلاك القمح في البلاد مستقراً نسبياً في المستقبل القريب. حيث تقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن استهلاك الجزائر من القمح في موسم 2022/2023 سيكون 11.15 مليون طن.
الجزائر تنوع مورديها من القمح
الجزائر هي واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم. حيث تحتل الجزائر المرتبة الخامسة في العالم في استيراد الحبوب، والمرتبة الثانية في إفريقيا. حيث أن مصر فقط هي التي تستورد أكثر منها في القارة. هذا الاستيراد يدر في المتوسط 3 مليارات دولار على ميزانية الجزائر في السنوات العشر الماضية. بينما دفعت الدولة 9 مليارات دولار لواردات الغذاء في عام 2021، وشكلت مشتريات الحبوب حوالي ربع فاتورة الواردات هذه.
تواصل الجزائر عمليات الشراء بعد شراء 720 ألف طن من قمح الخبز في شهر أغسطس. حيث تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية أن تصل واردات الجزائر من القمح إلى 8.3 مليون طن في موسم 2022/2023، مع مراعاة عمليات الشراء الجارية.
تشكل الجزائر أكبر سوق تصدير للاتحاد الأوروبي بشكل عام، وكانت فرنسا أكبر مورد للبلاد منذ سنوات. حيث أن الجزائر، التي تشتري القمح من ألمانيا وإسبانيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين وأوروغواي والمكسيك وكذلك فرنسا، تحاول تنويع موردي القمح. في هذه المرحلة، فتحت الدولة، التي قررت زيادة معدل المواد الأجنبية المسموح بها في الحبوب من 0.1٪ إلى 0.5٪ في سبتمبر 2020، أبوابها أمام القمح القادم من أوروبا الشرقية وروسيا وأوكرانيا. لكن في الوقت الحالي، تمتلك أوكرانيا وروسيا حصة 4 في المائة فقط في سوق القمح الجزائري. ومع ذلك، تظهر أرقام الواردات أن الواردات من أوكرانيا ازدادت في عام 2022.