تواجه روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم، خطر فقدان ريادتها في هذا المجال بسبب تراجع المساحات المزروعة والضرائب المفروضة على الصادرات التي تؤثر سلباً على دخل الفلاحين. وقال أندريه سيزوف، المدير العام لشركة SovEcon، في تصريح له لمجلة الطحان، «إن فقدان روسيا لمكانتها بصفتها أكبر مصدّر للقمح في العالم مسألة وقت فقط.» وأضاف سيزوف أن هناك عدة عوامل ستؤثر على تجارة الحبوب العالمية في عام 2025، بدءاً من احتمالية زيادة الضرائب في الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب، وصولاً إلى تأثيرات سوق القمح في البحر الأسود.
Andrey Sizov
تستمر منطقة البحر الأسود في الحفاظ على مكانتها لاعباً رئيسياً في أسواق الحبوب العالمية. تواجه روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم، وأوكرانيا، المورد المهم الآخر، تحديات وفرصاً متعددة. لفهم الوضع الحالي في أسواق الحبوب فهماً أفضل، خاصة مع التركيز على روسيا، أجرينا مقابلة مع أندريه سيزوف، المدير العام لشركة SovEkon، أحد أبرز الخبراء في الأسواق الزراعية في منطقة البحر الأسود.
اتجه المزارعون الروس في الآونة الأخيرة إلى محاصيل أكثر ربحاً، مثل البازلاء والعدس وعباد الشمس، مبتعدين تدريجياً عن القمح. ويعزو أندريه سيزوف، المدير العام لشركة SovEkon، هذه الظاهرة إلى فرض الضرائب على الصادرات في عام 2021، والتي أدت إلى تقليص دخل المزارعين بنسبة تتراوح بين 10% و40%. ويضيف سيزوف: «توقعنا أن يبدأ المزارعون في التحول من القمح إلى محاصيل أخرى بعد تطبيق الحكومة لضرائب الصادرات في عام 2021. السبب الرئيسي في ذلك هو انخفاض العائدات الناتج عن هذه الضرائب».
نتيجة لذلك، بدأت مساحات زراعة القمح في روسيا في التراجع بعد أن بلغت ذروتها في عام 2023 عند 29.8 مليون هكتار، حيث تراجعت إلى 28.5 مليون هكتار في عام 2024، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 28.2 مليون هكتار في عام 2025. وفي تحذير له من هذا الانخفاض، يقول سيزوف: «إذا استمرت هذه الضرائب، سيستمر إنتاج القمح الروسي وتصديره في الانخفاض. فقدان روسيا لمكانتها كأكبر مصدر للقمح في العالم أصبح مسألة وقت فقط. قد
SOVECON تخفض توقعاتها لصادرات القمح الروسي
قرار الحكومة الروسية بتقليص حصص صادرات القمح لعام 2025 بمقدار ثلثين مقارنة بالعام الماضي أثار مخاوف بشأن القدرة التنافسية للقمح الروسي في الأسواق العالمية. ومع ذلك، يرى سيزوف أن هذا القرار يتماشى مع توقعات SovEcon ويعكس توازناً أكثر صرامة بين العرض والطلب. وقال سيزوف، «في شهر نوفمبر، خفضنا توقعات صادرات القمح لدينا من 44.1 مليون طن إلى 43.7 مليون طن في شهر ديسمبر. ومن المثير للاهتمام أن وزارة الزراعة الأمريكية لا تزال لديها توقعاً متفائلاً لصادرات روسيا وهو 47 مليون طن. نعتقد أنهم سيضطرون إلى خفض هذا التوقع، وهو ما قد يدعم أسعار القمح العالمية.»
«نتوقع ارتفاعًا في أسعار القمح»
على الرغم من العوامل السلبية، مثل ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية من القمح، المحاصيل الجيدة في نصف الكرة الجنوبي، وقوة الدولار الأمريكي، يبقى أندريه سيزوف متفائلاً بشأن أسعار القمح. ويوضح وجهة نظره قائلاً: «نتوقع ارتفاعًاً في أسعار القمح. التوازن العالمي بين العرض والطلب ضيق، ونسبة المخزون إلى الاستهلاك في أدنى مستوى لها خلال العشر سنوات الأخيرة، وقد يكون إمكانات التصدير الروسي مبالغاً فيها من قبل السوق. عامل آخر هو الضعف المتوقع لمحصول القمح الروسي في 2025.» ومع ذلك، يشير سيزوف إلى طلب ضعيف من بعض أكبر مستوردي القمح في العالم كعامل توازن لهذه الاتجاهات الصعودية، ويضيف: «الذرة، بفضل الواردات الخاصة النشطة السابقة، لا تزال في حالة جيدة. وقد خففت تركيا من القيود المفروضة على واردات القمح إلى حد ما، لكنها لا تزال مستورداً بطيئاً.»
ثلاثة عوامل رئيسية ستشكل أسواق الحبوب العالمية في 2025
يشير سيزوف إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية ستؤثر على أسواق الحبوب العالمية في عام 2025، ويعدّ هذه العوامل كما يلي:
خطوات الرئيس ترامب بعد حفل تنصيبه. شهد مؤشر الدولار في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً حاداً مما شكل ضغطاً كبيراً على أسعار القمح نتيجة لتوقعات زيادة الرسوم الجمركية. ومع ذلك، بعد تولي ترامب الرئاسة في عام 2017، بدأ فعلياً حرباً تجارية مع الصين فقط في عام 2018، بينما شهد الدولار ضعفاً طوال عام 2017. إذا شهدنا سيناريو مشابهاً في عام 2025، فقد يدعم ذلك العديد من السلع الأساسية، وعلى رأسها القمح الذي يرتبط ارتباطاً عكسياً قوياً مع الدولار الأمريكي.

حرب البحر الأسود. نعتقد أن هناك فرصة كبيرة للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا والغرب. ومع ذلك، نحن غير متفائلين كثيراً بشأن نجاح هذه المفاوضات. وقف إطلاق النار أو اتفاقية سلام بين أكبر مُصدّري الحبوب في العالم سيعزز السوق، وخاصة سوق القمح. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحرب نفسها في الوقت الحالي لها تأثير محدود على إنتاج الحبوب وتدفقات الحبوب من كلا البلدين، وبالتالي فإن نتيجة المفاوضات ستكون أكثر أهمية من حيث تأثيرها على تصورات السوق.
حالة الطقس في نصف الكرة الشمالي وشكل المحصول الجديد. تبدو الظروف الجوية الحالية في مناطق هامة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا قريبة من الطبيعية أو أفضل قليلاً.
تتوقع شركة SovEcon أن يصل إنتاج القمح الروسي لعام 2025 إلى 78.7 مليون طن، وهو ما يمثل أدنى مستوى للإنتاج منذ عام 2021 وأقل بشكل كبير من المتوسط لخمس سنوات البالغ 88.2 مليون طن. وبحسب سيزوف، يرجع هذا الانخفاض إلى الظروف الجوية القاسية التي تركت 37% من محصول القمح الشتوي في ظروف سيئة في نهاية عام 2024، وهو ما يشكل تبايناً حاداً مقارنةً مع المتوسط لخمس سنوات البالغ 7%. ويضيف سيزوف: «القمح الشتوي يشكل حوالي 70% من إجمالي إنتاج القمح في روسيا، مما يجعل هذا التقييم السلبي مثيراً للقلق بشكل خاص.»