BLOG

أندونيسيا: الفرصة الذهبية

11 شعبان 14436 دقيقة للقراءة

أندرو وايت لو
مدير
توماس إلدير ماركتس
ملبورن



• تكاد إندونيسيا سد الفجوة مع مصر في وارداتها من القمح وقد تتجاوز مصر كأكبر مستورد للقمح في العالم.

• في إندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها حالياً 274 مليون نسمة من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 330 مليون في عام 2050.

• في النصف الأخير من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استوردت إندونيسيا 5.6 مليون طن من القمح في المتوسط سنوياً. قفز هذا الرقم في آخر خمس سنوات إلى 10.5 مليون طن.

• استوردت إندونيسيا قمحاً أكثر من فائض أستراليا القابل للتصدير خلال الجفاف.

• لدى أستراليا اتفاقية تجارة حرة مع إندونيسيا تساعدها على إزالة العوائق أمام التجارة.

في الأشهر الأخيرة، أجريت محادثات غير رسمية مع أصحاب المصلحة في الصناعة حول مستقبل صناعة القمح في أستراليا. جعلتني هذه المحادثات أفكر في زبائننا وكيف أن هناك كنز على عتبة بابنا: إندونيسيا.

تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم منذ فترة طويلة. كما تُعتبر مصر أكبر مشتري للذرة بسبب  بسبب سياستها في بيع الخبز المدعوم جزئياً. حيث يمكن لغالبية المصريين شراء الخبز بأسعار مدعومة.

لا يكفي إنتاج مصر من القمح لتلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم 100 مليون نسمة. قد يكون مكان مصر على رأس قائمة واردات القمح محل منافسة في السنوات قادمة مع جارنا الأكثر اكتظاظاً بالسكان، إندونيسيا ، وهو المنافس المحتمل.

تشترك إندونيسيا في بعض أوجه التشابه مع مصر، على الرغم من بُعدها الجغرافي عن مصر. يوجد في إندونيسيا عدد كبير من السكان حيث تشكل المنتجات القائمة على القمح جزءاً كبيراً من النظام الغذائي. لنفترض أننا ننظر إلى التغيير الهائل في العرض والطلب على القمح خلال العشر سنوات القادمة.  في هذه الحالة، سيأتي جزء من هذا التغيير من إندونيسيا.


تميل وسائل الإعلام في أستراليا والمحللون إلى التركيز على الصين.  بشكل عام، تظهر الصين في عناويننا الرئيسية.  يُنظر إلى هذا الميل على أنه مؤثر بشكل متزايد تدريجياً في الآونة الأخيرة مع تصاعد المؤامرات السياسية بين الصين ومختلف البلدان في جميع أنحاء العالم، من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى قرار حظر صادرات الشعير الأسترالي.  بالطبع، هذا يزيد من مبيعات الجرائد. ولكن بالنسبة لأستراليا، تعرض إندونيسيا أداءً هادئاً وتمتلك الفرصة لتكون شريكاً رائعاً لمجموعة متنوعة من المنتجات الزراعية، من القمح إلى الثروة الحيوانية.

عدد السكان

يقدر عدد سكان إندونيسيا بحوالي 274 مليون نسمة.  هذا أكثر من عشرة أضعاف عدد سكان أستراليا البالغ 25.6 مليون.  ومن المتوقع أن يصل عدد سكان إندونيسيا إلى 330 مليون بحلول عام 2050. هذا  يعني كثير من الأفواه التي يجب إطعامها بجوار أستراليا تماماً.

أدى النمو السكاني والنقص  في الإنتاج المحلي في إندونيسيا إلى زيادة مطردة في واردات القمح.  ففي النصف الأخير من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت إندونيسيا تستورد 5.6 مليون طن من القمح في المتوسط. في السنوات الخمس الماضية قفز هذا الرقم إلى 10.5 مليون طن.

الثراء

في الواقع، عدد السكان ليس هو العامل الوحيد للزيادة في واردات القمح إلى إندونيسيا.  يأتي الطلب المتزايد من زيادة الثراء. فمع ازدياد ثراء السكان، تزداد القدرة على شراء المزيد من الطعام.  ويظهر هذا بشكل خاص في انتقال البلدان النامية إلى مجموعة الدول الأكثر ثراءً. إن الميل العام مع زيادة الثراء هو الطلب على المزيد من المخبوزات، يليه الطلب على المزيد من بروتين اللحوم.

هناك علاقة وثيقة بين زيادة الناتج المحلي الإجمالي وزيادة واردات القمح في إندونيسيا.  حيث أنه من المتوقع أن تستمر واردات إندونيسيا من القمح في الزيادة خلال معظم هذا العقد.


إن تنامي الثروة العالمية وزيادة القدرة الشرائية في البلدان النامية مثل إندونيسيا يفيد الجميع في سلسلة التوريد الزراعي من خلال ارتفاع الطلب على مواد غذائية ذات قيمة أعلى.

الطلب المتزايد على الأعلاف

إن زيادة الطلب على البروتين الحيواني في إندونيسيا سبب آخر لزيادة الطلب على الحبوب. حيث أن معظم واردات الماشية الحية في إندونيسيا من أستراليا عبارة عن أبقار. وتشير التقديرات إلى أن اللحوم التي يتم الحصول عليها من  هذه الماشية الأسترالية تمثل حوالي 25 ٪ من استهلاك لحوم الأبقار في إندونيسيا.

منذ بداية القرن الحادي والعشرين ولغاية اليوم، كان هناك نمو في حجم تجارة الماشية الحية من أستراليا إلى إندونيسيا. حيث تظهر الإحصاءات أن الصادرات إلى إندونيسيا تمثل حوالي نصف إجمالي حجم الصادرات الأسترالية السنوية من المواشي الحية.

شهد حجم صادرات الماشية الحية انخفاضاً كبيراً في موسم  2011/2012 بسبب مخاوف الصحة الحيوانية التي  تسببت في توقف مؤقت للتجارة.  ومع ذلك، تذبذب الحجم السنوي في السنوات الأخيرة  بين 500000 و 700000 رأس ماشية.  في موسم 2021 انخفضت المبيعات إلى إندونيسيا بسبب الانكماش في إمدادات الماشية الأسترالية وارتفاع الأسعار القياسي.


تهدف الحكومة الإندونيسية إلى زيادة الأمن الغذائي من خلال تعزيز النمو في صناعة الماشية المحلية.  لذلك، فرضت الحكومة شرطاً بأن يكون ما لا يقل عن 3 في المائة من واردات الماشية الحية هي من  تربية الماشية.  ومع ذلك ، توقف هذا الشرط بسبب جائحة كوفيد-19. فعلى مدار الاثني عشر شهراً الماضية،  أصبح  99 في المائة من ما يقرب من 400000 من الماشية المستوردة من أستراليا عبارة عن رؤوس بقر.

لذلك، تحتاج معظم الماشية المستوردة إلى إندونيسيا إلى التغذية حتى تصل إلى وزن الذبح. هذا الطلب على الماشية في إندونيسيا سيصاحبه طلباً كبيراً بالفعل على الشعير ومنتجات المخبوزات، مما يؤدي إلى طلب كبير على الأعلاف.

قد تتجاوز أندونيسيا مصر في وارداتها من القمح

أصبحت الزيادة في واردات إندونيسيا من القمح زيادة هائلة بشكل دراماتيكي، حيث ارتفعت واردات البلاد من القمح بمتوسط  85٪ من حجم واردات مصر ، التي هي  أكبر مستورد للقمح في العالم. إن  مصر دولة مهمة بالنسبة لأسواق القمح.  على الرغم من متابعتنا لمناقصات مصر عن كثب، إلا أن إندونيسيا أداؤها هادئ.  وجهة نظرنا هي أن إندونيسيا يمكن أن تتفوق على مصر كأكبر مستورد للقمح في العالم في غضون عشر سنوات.


يهيمن القمح الذي منشؤه البحر الأسود على السوق المصري.  تتمتع أستراليا أيضاً بموقع متميز جغرافياً لتزويد إندونيسيا بكميات كبيرة من القمح.

إن أكبر خطر على الصادرات الأسترالية إلى إندونيسيا هو المناخ المتغير والجفاف الذي يؤثر على صادراتنا المحتملة.  هذا الخطر سيظل موجوداً دائماً وربما يتفاقم بسبب تغير المناخ.  لكن الحقيقة هي أنه باستثناء فترات الجفاف قصيرة الأجل، سيكون القمح ذي المنشأ الأسترالي في وضع قوي.


إن علاقاتنا السياسية مع الصين ضعيفة في الوقت الحالي، لكن علاقاتنا مع إندونيسيا قوية.  تعمل الشركات الصناعية في أستراليا مثل ( Grain Growers Ltd.) مع الحكومة لضمان إبرامنا لاتفاقيات تجارة حرة التي تساعدنا في الوصول إلى عميل كبير الحجم، ألا وهو إندونيسيا.

تعد أستراليا محظوظة لأن تكون في وضع قريب جداً من مثل هذا الشريك التجاري المهم لدرجة أنها لا تملك القدرة على توسيع إنتاج القمح المحلي على نطاق واسع.


مقالات في فئة محرر