BLOG

سوق الحبوب في الاتحاد الأوروبي

21 ذو القعدة 14438 دقيقة للقراءة

أدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى زيادة الأسعار في سوق الحبوب في الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى انكماش في الطلب والتركيز على التجارة داخل الاتحاد. كما أدت الصعوبات التي أثرت على زراعة الربيع في أوكرانيا والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية التجارية إلى حدوث حالة من عدم اليقين بشأن تدفقات تجارة الحبوب في الاتحاد الأوروبي في موسم 2022/23. وبحسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) في 26 أبريل، سينتج الاتحاد الأوروبي 286 مليون طن من الحبوب في الموسم الجديد بسبب انخفاض المساحة المزروعة وخسائر المحاصيل.

تعد أوكرانيا إحدى منتجي ومصدّري الحبوب الرائدين في العالم. فهي تلعب دوراً هاماً في تجارة الحبوب العالمية وفي إمداد الاتحاد الأوروبي بالحبوب والبذور الزيتية. لذلك، كان لغزو أوكرانيا، الذي بدأته روسيا في 24 فبراير، بالغ الأثر على أسواق الحبوب في الاتحاد الأوروبي. فالموانئ الأوكرانية، حيث يتم تصدير الحبوب، معطلة إلى حد كبير. كما سببت العقوبات المفروضة على روسيا زيادة التقلبات في تجارة الحبوب العالمية. حيث أدت الصعوبات التي أثرت على زراعة الربيع في أوكرانيا والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية التجارية إلى حدوث حالة من عدم اليقين بشأن تدفقات تجارة الحبوب في الاتحاد الأوروبي في موسم 2022/2023.

في موسم 2022/2320، من المتوقع أن تبلغ المساحة الإجمالية للحبوب في الاتحاد الأوروبي 51.7 مليون هكتار، أي أقل بقليل من مستوى هذا الموسم. ومن المتوقع أن يتجاوز الشعير والذرة الرفيعة فقط، وبدرجة أقل بكثير، مستويات الزرع في الموسم السابق. حيث أدى الانتعاش المدفوع بالأسعار في زراعة بذور اللفت إلى انخفاض مساحة القمح في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وخاصة في فرنسا. بينما توسعت الأراضي المزروعة بالحبوب فقط في المجر وإيرلندا.

من المتوقع أن تنخفض مساحات أراضي زراعة القمح في الاتحاد الأوروبي بنسبة 0.5٪ في الموسم الجديد. حيث قام مزارعو القمح الفرنسيين والإسبان بزراعة كميات أقل من القمح، بينما زاد المنتجون في جمهورية التشيك والدنمارك وألمانيا والمجر ورومانيا زراعة القمح بشكل طفيف. فقد سمحت مفوضية الاتحاد الأوروبي بزراعة الأراضي البور بعد الحرب في البحر الأسود التي أثرت سلباً على إمدادات الحبوب. ومع ذلك، من غير المتوقع أن يؤثر هذا القرار على محصول القمح لموسم 2022/2023حيث أن غالبية إنتاج القمح في الاتحاد الأوروبي يكون في فصل الشتاء.

إنتاج القمح في الاتحاد الأوروبي سينخفض

بحسب التقرير الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) في 26 أبريل، سينتج الاتحاد الأوروبي 286 مليون طن من الحبوب في الموسم الجديد بسبب انخفاض المساحات المزروعة وخسائر المحاصيل. حيث كانت تقديرات وزارة الزراعة الأمريكية لموسم 2021/2022 تشير إلى حوالي 292 مليون طن. سيكون استعداد المزارعين لاستخدام المدخلات المكلفة وتساقط الأمطار في الربيع أمرين بالغي الأهمية في تحديد الإنتاج النهائي للحبوب في الاتحاد الأوروبي.

دفع الغزو الروسي لأوكرانيا لارتفاع أسعار الأسمدة المرتفعة مسبقاً إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى إجهاد سلسلة توريد الأسمدة في الاتحاد الأوروبي. حيث اشترى معظم مزارعي الاتحاد الأوروبي أسمدتهم قبل ارتفاع الأسعار واستخدموها في حقولهم. لكن، الذين يتأخرون في الشراء قد يقللون من الكميات المستخدمة في الربيع، خاصة في المناطق التي تمنع فيها رطوبة التربة المنخفضة الأسمدة من الوصول إلى الأداء الكامل. ومن المتوقع أن يكون لهذا، إلى جانب ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية الأخرى مثل الوقود ومنتجات حماية المحاصيل، تأثير سلبي على محاصيل الحبوب في الاتحاد الأوروبي. ويحذر الخبراء من أن وضعاً ينذر بالخطر قد ينشأ في موسم حصاد القمح 2023/2024، حيث أن  إطالة أمد الحرب لبضعة أشهر أخرى من شأنه أن يجعل الوصول إلى الأسمدة أكثر صعوبة.

من المتوقع انخفاض إنتاج القمح في الموسم الجديد في بلغاريا وفرنسا والمجر ورومانيا وإسبانيا. أما في الدنمارك وألمانيا وبولندا ودول البلطيق فمن المتوقع إنتاجية أعلى بالمقارنة مع العام الماضي. ومع ذلك، لا تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية أن تؤدي الزيادة في هذه البلدان إلى تعويض خسارة المحصول. لذلك، تقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن إنتاج القمح في الاتحاد الأوروبي سينخفض بنسبة 2.2٪ ، أي إلى 135.3 مليون طن في موسم 2022/2023. بالطبع، يمكن أن تلعب الظروف الجوية حتى موعد الحصاد دوراً مهماً في حجم الإنتاج النهائي.


الاستهلاك

عدّلت وزارة الزراعة الأمريكية إجمالي استهلاك الحبوب في الاتحاد الأوروبي باتجاه السالب. وعليه، سيصل استهلاك الاتحاد الأوروبي للحبوب إلى 259.4 مليون طن في موسم 2022/2023. حيث أن هناك احتمالاً لزيادة الاستهلاك قليلاً، على الرغم من وجود احتمالات أقل تفاؤلاً بالنسبة للأعلاف والاستخدام الصناعي. يُتوقع أن القيود المتعلقة بوباء كوفيد-19، والتي تؤثر سلباً على السياحة وقطاع HORECA (الفنادق والمطاعم والمقاهي)، والزيادة السكانية الناجمة عن عدة ملايين من اللاجئين من أوكرانيا، وخاصة إلى بولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا، سوف تزيد من استخدام الخبز والقمح الصلب.


الحرب عطلت تجارة الحبوب

يسود جواً من عدم اليقين بشأن إنتاج الحبوب وحجم الصادرات في أوكرانيا لموسم 2022/2023. حيث تلبي أوكرانيا أكثر من 40 في المائة من إجمالي احتياجات استيراد الحبوب في الاتحاد الأوروبي في المتوسط. لكن أثارت الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن زراعة الذرة في الربيع حيث أن النزاع أثر على العمالة والمدخلات (البذور الزيتية، البذور، الأسمدة، إلخ). إلى جانب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للتصدير، كل ذلك يمكن أن يؤثر ذلك سلباً على قدرة تجارة الحبوب في البلاد.


تعطلت تجارة الحبوب في الاتحاد الأوروبي بشدة بسبب الحرب في أوكرانيا. وعلى الرغم من أن مخزون الحبوب الكبير الحالي في أوكرانيا، إلا أن الغزو حدّ من القدرة التصديرية. مع توقف عمليات التحميل في موانئ الحبوب الأوكرانية. منذ شهر فبراير 2022، بدأ مستوردو الحبوب في الاتحاد الأوروبي في البحث عن مصادر موردة بديلة في أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الأمريكية وكندا) وأمريكا الجنوبية. كما تسبب الحظر الذي فرضته صربيا على الصادرات إلى دول ثالثة في 10 مارس في خسارة الاتحاد الأوروبي لأحد موردي الحبوب. ومن المتوقع أن يتحسن الميزان التجاري للحبوب الذي يعاني حالياً في الاتحاد الأوروبي مع وصول ذرة سافرينا البرازيلية إلى السوق في فصل الصيف.


صادرات القمح في الاتحاد الأوروبي

تشير التقديرات إلى أن الاتحاد الأوروبي سيصدر 45.7 مليون طن من الحبوب في الموسم الجديد. بالطبع، قد يختلف هذا الرقم اعتماداً على الإنتاجية وجودة المنتج. وعدلت وزارة الزراعة الأمريكية توقعاتها لموسم 2021/2022 لتصدير الحبوب في الاتحاد الأوروبي لتصبح 48.3 مليون طن بسبب الفرص المتاحة في أسواق التصدير المعتمدة على أوكرانيا وروسيا.


تذهب معظم صادرات الاتحاد الأوروبي من القمح إلى شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء. حيث تعد الجزائر من بين الزبائن المستقرين لقمح الخبز الفرنسي. وعلى الرغم من أن القمح الفرنسي خسر في الجزائر بعض المناقصات أمام القمح الوارد من منطقة البحر الأسود في النصف الأول من موسم 2021/2022، حتى يتحسن الوضع الجيوسياسي في أوكرانيا على الأغلب، يبدو أن الاتحاد الأوروبي سيحتكر الأسواق احتكاراً فعلياً في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، نظراً لميزة تكلفة النقل الهامة.


وبالمثل، كان من المتوقع في البداية أن تنكمش صادرات الاتحاد الأوروبي من القمح إلى مصر بسبب منافسة قمح البحر الأسود. لكن ونظراً لأن فرنسا قدمت لمصر أكثر العروض تنافسية بسبب الصراع في أوكرانيا، فمن المتوقع أن تزداد صادرات القمح من الاتحاد الأوروبي إلى هذا البلد. كما زادت صادرات الاتحاد الأوروبي من القمح إلى كوريا الجنوبية (خاصة من رومانيا وبلغاريا ودول البلطيق) هذا الموسم. ومع ذلك، فقد ظلت أقل من صادرات القمح الأمريكية والأسترالية إلى هذا البلد. تعد الصين حالياً ثاني أكبر زبون للقمح في الاتحاد الأوروبي. حيث زادت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين عشرة أضعاف بين مواسم 2018/2019- 2020/2021. ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة.


إيطاليا تشتري المزيد من القمح الصلب

من المتوقع أن تزداد واردات الاتحاد الأوروبي من الحبوب بنسبة 6 في المائة في موسم 2022/2023، لا سيما أنه من المتوقع أن تشتري إيطاليا المزيد من القمح الصلب. حيث أن إيطاليا هي أكبر مستورد للقمح في الاتحاد الأوروبي. وتمثل إيطاليا أكثر من 50 في المائة من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من القمح. تتبع إسبانيا إيطاليا بحصة أصغر بكثير.

من المتوقع أن تنخفض مخزونات القمح في الاتحاد الأوروبي في موسم 2022/2023 إلى مستوى 27.9 مليون طن وهو مستوى أقل مقارنة بالعام الماضي. حيث تقدر مخزونات الاتحاد الأوروبي النهائية لموسم 2021/2022 بـ 28.3 مليون طن. وقدساهمت قيود التصدير في الدول الأعضاء مثل المجر وبلغاريا في زيادة المخزونات هذا الموسم


صناعة الدقيق في الاتحاد الأوروبي بالأرقام:

• وفقاً للمعلومات التي قدمتها جمعية مطاحن الدقيق الأوروبية، تنتج صناعة الدقيق الأوروبية ما معدله 35 مليون طن من الدقيق عن طريق معالجة ما يقرب من 47 مليون طن من القمح والجاودار والشوفان سنوياً.


• تعمل أكثر من 3800 شركة في صناعة الدقيق، معظمها شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، في 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. 

• توفر صناعة الدقيق في الاتحاد الأوروبي، وهي صناعة أساسية في السلسلة الغذائية، فرص عمل مباشرة لـ 45 ألف شخص وتوفر فرص عمل غير مباشرة لـ 350 ألف شخص. 


• يتم إنتاج أكثر من 600 نوع من الدقيق في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. 


• حصة الاتحاد الأوروبي في تصدير الدقيق العالمي 11٪.


• يبلغ متوسط معدل استخدام الطاقة الإنتاجية لمطاحن الدقيق في الاتحاد الأوروبي 65 بالمائة. 


• يستخدم 30 في المائة من الدقيق المنتج للاستخدام الصناعي، وتبلغ حصة الأسر 12 في المائة.



مقالات في فئة ملف البلد