عدّلت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) توقعاتها لتصدير القمح نحو الأسفل بعد قرار الحكومة الهندية بفرض قيود على مبيعات القمح إلى الخارج، وذلك اعتباراً من 13 مايو. وفي التقرير الذي أعلنته وزارة الزراعة الأمريكية في 8 يونيو، تم تعديل توقعات الصادرات الهندية لموسم 2022-23 لتصبح 6 ملايين طن بانخفاض قدره 2 مليون طن. جاء حظر التصدير بعد أن أدت موجة الحر التي أحرقت مناطق إنتاج القمح في الهند إلى محصول أقل من المتوقع.
بعد الانكماش في إمدادات القمح بسبب الحرب بين عملاقتي الحبوب في العالم روسيا وأوكرانيا، وجهت العديد من الدول المستوردة أعينها نحو الهند التي حظرت بدورها الصادرات بحجة الأمن الغذائي. وتسبب قرار الحظر الذي اتخذته حكومة نيودلهي في زيادة أسعار القمح أكثر في الأسواق الدولية.
ألغى حظر التصدير في الهند خيار مورد القمح البديل مقبول التكلفة بالنسبة للعديد من البلدان منخفضة الدخل المستوردة للقمح، مما زاد الضغط على أسواق القمح العالمية التي تعاني بالفعل من نقص في الإمدادات. وقد أدى الطلب القوي على القمح في الأسواق العالمية إلى تراجع أرقام الإنتاج ورفع أسعار القمح العالمية إلى مستويات قياسية.
في موسم 2020-21، أصبحت الهند مورداً مهماً لمستوردي القمح في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وزادت الهند شحناتها الدولية بشكل كبير بتصديرها 6.8 مليون طن من القمح في الأشهر التسعة الأولى من موسم 2021-22. زادت الهند من حصتها في السوق خاصة في البلدان ذات الأسعار الموجهة والتي تستورد القمح من أوكرانيا بشكل تقليدي.
بعد ردود الفعل الدولية على قرارها الذي صدم أسواق الحبوب، أعلنت الهند أنها قد تقدم بعض الاستثناءات من الحظر "لأسباب تتعلق بالأمن الغذائي، حسب كل حالة على حدة". بعد هذا الإعلان، تلقت نيودلهي طلبات من مختلف البلدان لما مجموعه أكثر من 1.5 مليون طن.
في تصريح لهم في شهر مارس، قال مسؤولون هنود إنهم يخططون لتصدير 10 ملايين طن من القمح الموسم المقبل من أجل سد فجوة العرض الناجمة عن الصراع الروسي الأوكراني. وصرح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قائلاً: "الهند مستعدة لإطعام العالم".
لتجنب أزمة غذائية أجرت الحكومة الهندية تعديلات على سياسات الدعم الغذائي بالإضافة إلى حظر تصدير القمح. وبسبب الانكماش المتوقع في إمدادات القمح، تقرر توزيع كميات أقل من القمح والمزيد من الأرز في برامج الأمن الغذائي. لذلك، تشير التقديرات إلى أن استهلاك القمح في البلاد سينخفض واستهلاك الأرز سيزداد هذا الموسم.
على عكس القمح، تتوقع الهند محصولاً وفيراً من الأرز في موسم 2022-23. لذلك، تشير التقديرات إلى أن الهند ستحافظ على مكانتها القوية في تجارة الأرز العالمية. حيث زادت مخزونات الأرز في البلاد بأكثر من الضعف في السنوات الأخيرة، بعد محاصيل قياسية متتالية. أعطى هذا نيودلهي مجالاً للتحرك لاستخدام أعلى داخل الهند وللتصدير. على الرغم من زيادة الصادرات والتوزيع الأكبر في برامج الأمن الغذائي، من المتوقع أن يرتفع مخزون الأرز في الهند مرة أخرى هذا الموسم. بالتالي من غير المحتمل أن تفرض الحكومة الهندية قيوداً على صادرات الأرز.
يشكل القمح والأرز حجري الزاوية في سياسة الأمن الغذائي في الهند. تخصص الحكومة الهندية موارد كبيرة للبحث والتطوير وتدريب المزارعين على الأصناف الجديدة وتقنيات الإنتاج. تدعم كل من الحكومة المركزية وحكومات الولايات المزارعين في المدخلات مثل المياه والأسمدة والبذور والطاقة والري والمواد الكيميائية والقروض الزراعية لمنتجات مثل القمح.
القمح هو مادة غذائية أساسية في الأجزاء الشمالية الغربية والوسطى من الهند. ففي جنوب وشرق البلاد، يحل الأرز محل القمح. في حين أن 80٪ من القمح المستهلك في البلاد تستخدمه المنازل والمطاعم المحلية. تتم معالجة بعض كميات القمح (12-15 في المائة) من أجل منتجات المخبوزات والبسكويت والمعجنات. ويُستخدم ما يقرب من 4-5 مليون طن من القمح في منتجات مثل المكرونة والحلويات الغربية.
لا تُعتبر الهند لاعباً مستقراً في أسواق القمح العالمية. فالبلد الذي يستورد القمح في السنوات التي يكون فيها الإنتاج لديه منخفضاً، يصدّره عندما يكون الإنتاج المحلي كافياً وأسعاره عالية.
بحسب آخر تقرير صادر عن وزارة الزراعة ورعاية المزارعين، أنتجت الهند ما مجموعه 314.5 مليون طن من الحبوب في موسم 2021-22 (يوليو-يونيو). وبلغ إنتاج القمح 106.4 مليون طن والأرز 129.7 مليون طن والذرة 33.2 مليون طن والبقول 25.8 مليون طن.
تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية وزارة الزراعة الأمريكية أن الهند ستنتج 99 مليون طن من القمح في موسم 2022-23. وكانت وزارة الزراعة الأمريكية قد توقعت في تقريرها السابق محصولاً قدره 110 مليون طن. يستند تعديل الأرقام في المحصول باتجاه الأسفل على الخسارة المتوقعة في المحصول بسبب موجة الحر الشديدة التي بدأت في البلاد في الأسبوع الثاني من شهر مارس. أما أحدث تقدير للحكومة الهندية فكانت الكمية هي 106.4 مليون طن.
أعلنت الحكومة الهندية أنها ستسمح باستمرار صادرات القمح إلى البلدان المجاورة، تشمل بنغلاديش ونيبال وسريلانكا وغيرها من البلدان الحساسة من ناحية الأمن الغذائي. يعتبر القمح الهندي منافساً للغاية، حيث أنه أرخص من 50 إلى 80 دولاراً للطن الواحد من مصادر التوريد الأخرى في المنطقة.
لكن، هناك بعض العقبات أمام هدف الهند المتمثل في زيادة صادرات القمح، مثل الاختناقات اللوجستية في الموانئ والسكك الحديدية وارتفاع أسعار الشحن ونقص الحاويات. من أجل أن تصبح الهند مورداً طويل الأجل للدول المستوردة، يجب عليها أيضاً أن تحقق المعيار المطلوب في جودة القمح. ستبذل الهند جهدها لضمان عدم تصدير قمح منخفض الجودة. كانت الهند ثاني أكبر منتج للقمح بحصة تقارب 14٪ في إنتاج القمح العالمي في عام 2020، لكن حصتها في صادرات القمح العالمية ظلت أقل من 1٪.
تقدر وزارة الزراعة الأمريكية مخزونات القمح في الهند 2021-22 عند مستوى 19.5 مليون طن. وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية أن تنخفض مخزونات عند إغلاق الموسم الجديد إلى 8.5 مليون طن. ومع التوقع أن يؤدي انخفاض المحصول وارتفاع الأسعار إلى انخفاض الطلب على قمح الأعلاف هذا الموسم، تشير التقديرات إلى أن استهلاك القمح في الهند سينخفض بمقدار 6 ملايين طن مقارنة بالموسم الماضي.
عدّلت وزارة الزراعة الأمريكية أيضاً توقعات إنتاج الأرز في الهند باتجاه الأعلى لموسم 2021-22 (أكتوبر-سبتمبر). فبحسب وزارة الزراعة الأمريكية، التي ذكرت أن زيادة المشتريات الحكومية وارتفاع الأسعار يشجعان على الإنتاج، ستنتج الهند 129.5 مليون طن من الأرز هذا الموسم. توقعات وزارة الزراعة الأمريكية لعام 2022-23 تبلغ 130 مليون طن.
بحسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية، سيزداد استهلاك الأرز بنحو 8.4 مليون طن مقارنة بالموسم الماضي وسيصل إلى 109.5 مليون طن، نظراً لأن الحكومة تعطي مكانة أكبر للأرز في برامج الغذاء الحكومية. في موسم 2022-2023 سيكون الاستهلاك 107 مليون. ومن المتوقع أن تنتعش صادرات الأرز التي كانت قد تباطأت في الفترة من مارس إلى أبريل. وعليه، من المتوقع أن تصدّر الهند 21 مليون طن من الأرز في موسم 2021-22 و22 مليون طن في الموسم المقبل.