BLOG

الاتجاهات والتوقعات في صناعة المطاحن الأفريقية

02 صفر 14455 دقيقة للقراءة
شهدت صناعة المطاحن الأفريقية تحولاً ملحوظاً تميّز بفترة نمو وفترة ركود وثم نمو سريع مؤخراً. برزت صناعة المطاحن الأفريقية كلاعب رئيسي في الاقتصاد القاري، من التقدم المطرد في الستينيات حتى منتصف الثمانينيات، والتباطؤ المؤقت بسبب أزمة الديون في الثمانينيات، وأخيراً النمو المتصاعد منذ عام 2007. في هذه المقالة، سنغطي التوقعات والاتجاهات المتطورة في صناعة المطاحن الأفريقية من خلال الخوض في الخلفية التاريخية والتطورات الحالية والاختلافات الإقليمية والتحديات التي يواجهها أصحاب المطاحن.


فابيان فاراغناك
 مستشار مستقل في قطاع المطاحن 

تطور صناعة المطاحن الأفريقية
كما هو مبين في الرسم البياني 1، زاد استهلاك القمح في أفريقيا جنوب الصحراء بشكل شبه مستمر منذ أوائل الستينيات، من 2.5 مليون طن إلى أكثر من 30 مليون طن اليوم. بالإضافة لذلك، تجدر الإشارة إلى أن واردات الدقيق نمت بوتيرة أبطأ بكثير، من 600 ألف طن إلى 1.5 مليون طن. وهذا يعني أن معظم النمو في استهلاك القمح يتم تلبيته من قبل صناعة المطاحن المحلية. ومن المثير للاهتمام أن متوسط ​​استهلاك الفرد قفز من 10 كغ إلى 28 كغ سنوياً. هذا يعني أن النمو في استهلاك القمح لا يرجع فقط إلى النمو السكاني ولكن أيضاً إلى تغير العادات الغذائية.

مرت صناعة المطاحن الأفريقية بمراحل مختلفة على مر السنين. حيث شهدت الصناعة نمواً بطيئاً ولكن مطرداً من الستينيات حتى منتصف الثمانينيات. لكن أزمة الديون في الثمانينيات أعاقت التقدم وتسببت في تباطؤ مؤقت في النمو حتى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

كما هو مبين في الرسم البياني 2، شهد هذا القطاع طفرة كبيرة منذ عام 2007، حيث زاد استهلاك الفرد من 17 كغ إلى 28 كغ سنوياً وزاد متوسط ​​استهلاك القمح السنوي بنسبة 5.4%. ويمكن أن يُعزى هذا الانتعاش إلى عوامل مختلفة مثل زيادة الطلب على المنتجات الغذائية المصنعة والتحضر وتغير العادات الغذائية. على الرغم من التقلبات الحالية في سوق القمح، من غير المرجح أن ينعكس هذا الاتجاه في أي وقت قريب، لأن المصادر البديلة للأغذية الرخيصة لتحل محل القمح وإطعام السكان الأفارقة الذين يتزايد عددهم بسرعة محدودة.
 



الدمج وازدياد سعة المطاحن
يبدو أن الاتجاه البارز في قطاع الطحن الأفريقي هو الاندماج الملحوظ خاصة في غرب ووسط أفريقيا. حيث  تركز المطاحن على زيادة قدرتها على الطحن لتحقيق وفورات الحجم وزيادة الكفاءة. وهذا يسمح لهم باستيراد كميات أكبر من القمح وتخصيص سفن أكبر للوصول إلى البُعد الحرج، مما يقلل من تكاليف الاستيراد. كما أنها تمكنهم من تحسين أداء المطحنة وتقليل تكاليف الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، بما أن نقل الدقيق براً أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بنقل القمح، فإن ذلك يؤدي إلى تركيز قدرة الطحن في مناطق الموانئ الرئيسية لخدمة السوق المحلية والبلدان غير الساحلية. فالمدن الأساسية المهمة مثل أبيدجان ودكار وأكرا ودوالا وبوانت نوار هي أبرز المواقع المركزية بالنسبة لأعمال المطاحن.
هذا الوضع يخلق تحديات للاعبين الصغار الذين يجدون صعوبة في التنافس في سوق جماعي يحركه السعر. وبالتالي، يؤدي عدم وجود مجالات متخصصة مهمة للاعبين الصغار إلى تفاقم سوء البيئة التنافسية. 

بالإضافة لذلك، من اللافت للنظر أن مناطق شرق وجنوب أفريقيا أظهروا اندماجاً أقل مقارنة بالمناطق الأخرى. حيث تتمتع هذه المناطق حالياً بقدرة أقل على تركيب المطاحن وتركز بشكل أكبر على طحن الذرة. ومع ذلك، هناك إمكانية للتطور السريع في المستقبل القريب من خلال زيادة قدرة المطاحن، خاصة في مدن مثل مومباسا ودار السلام وبيرا. فاللاعبون المحليون البارزون مثل باخريسا وبيمبي وميريك في وضع جيد ليكونوا موردين مهمين في المنطقة.



تكامل المحاصيل المحلية والإمكانيات الجديدة
تشهد صناعة المطاحن في أفريقيا جنوب الصحراء اتجاهاً متزايداً نحو استخدام المنتجات المحلية مثل الكسافا والذرة والذرة الرفيعة لصنع الدقيق. حيث يقدم هذا التحول العديد من الفرص مثل تحسين الموازين التجارية الوطنية، وزيادة الاكتفاء الذاتي الغذائي وتعزيز صورة السوق الإيجابية. بالتالي يمكن للبلدان تعزيز قطاعاتها الزراعية من خلال تقليل اعتمادها على الواردات باستخدام المواد الخام المحلية.

لكن هذا الانتقال لا يخلو من الصعوبات. حيث أن محدودية البنية التحتية، والقدرة التنافسية للمنتجات المحلية في مواجهة الحبوب المستوردة، والحواجز التقنية التي تحول دون التصنيع المنخفض للقطاع المحلي، وضعف أداء المخابز، تعتبر كلها حواجز تحتاج إلى معالجة.

كما أن الدعم الحكومي المحدود يمثل تحديات إضافية. كما يمكننا أن نلاحظ بعض المبادرات الجارية، مثل جعل زراعة الكسافا إلزامية في نيجيريا (على الرغم من عدم تنفيذ المبادرة بالكامل)، والمشاريع الحكومية لزراعة الذرة في كينيا، والبحث الجاري عن الذرة الرفيعة في السودان. ومن خلال إنتاجها الكبير من الذرة، تتمتع جنوب إفريقيا بإمكانيات كبيرة لدمج المحاصيل المحلية في أنشطة الطحن.

طرق التعامل مع تغير منشأ المنتجات:
في حين أن صناعة المطاحن الأفريقية تتطور بسرعة، ومن المتوقع أن تستمر في التطور في السنوات القادمة، فإن سوق القمح الحالي المتقلب يمثل تحدياً كبيراً للمطاحن ويثير التساؤل حول كيفية تعامل المطاحن مع منشأ المنتجات المتغير.

في الواقع، يوجد جانب هام في إمكانيات تطوير المطحنة في استراتيجية توريد القمح. حيث تبرز ثلاث استراتيجيات رئيسية في هذا الصدد:

• يشير النهج الرخيص، الذي يركز على أقل سعر للشراء، إلى تحديات فنية وتحديات متعلقة بالجودة العالية، إضافة لزيادة المخاطر من حيث الإنتاج، وحصة السوق، والصورة، ولكنه يعني تقليل العبء المالي وتسهيل الاستعانة بالمصادر.

• نهج «الجودة أولاً» الذي يعكس استراتيجيات شراء القمح طويلة الأجل التي تركز على السلامة لتسهيل العمليات وإدارة الجودة، ولكنه يزيد أيضاً من العبء المالي ويقلل هوامش الربح. 

• النهج الأخير هو استراتيجية التوازن. تضمن هذه الاستراتيجية إمداداً مستقراً للقمح وتسهل إدارة الجودة من خلال اتخاذ تدابير ضد عمليات الشراء الانتهازية. لكنه يخلق تحديات فنية عالية لعمليات الطحن. بالتالي تتطلب هذه الاستراتيجية فنيين وموظفي مشتريات أصحاب مهارات عالية.

يعتمد اختيار الاستراتيجية على العديد من العوامل مثل الموارد المالية للمطحنة وظروف السوق وتحمل المخاطر. كل استراتيجية لها فوائدها وتحدياتها، مما يسلط الضوء على أهمية اتخاذ القرار الاستراتيجي في المشتريات.

الخاتمة
تشهد صناعة المطاحن في أفريقيا جنوب الصحراء حالياً فترة نمو كبير وهي تستعد لمواصلة صعودها في السنوات القادمة. ومع ذلك، مع تأثير التقلبات الحالية في سوق القمح، يمر القطاع بفترة انتقالية نحو أن يصبح سوقاً مثالياً. وإن النجاح في هذه البيئة المزدهرة يعتمد على عوامل مثل القوة المالية وتميز الموظفين واستراتيجية الشراء المحددة جيداً. بالإضافة إلى ذلك، يعد توليد المعرفة والشفافية وتدفق المعلومات الفعال أمراً مهماً للغاية لتحقيق النمو المستدام والميزة التنافسية في صناعة الطحن الأفريقية. مع استمرار تطور الصناعة، يجب على المطاحن التكيف مع ديناميكيات السوق المتغيرة، والاستفادة من الفرص الناشئة والتغلب على التحديات لتحقيق النجاح في هذه الصناعة الديناميكية والواعدة.



مقالات في فئة مقالة
07 رمضان 14416 دقيقة للقراءة

تركيا تصدر 15 بالمائة من الدقيق بواسطة بيشلار

في جميع القطاعات التي ننشط فيها، عندما يتم ذكر ماركة بيشلار، فأول ما يخطر على البال هو الجودة والثق...

19 ربيع الأول 14448 دقيقة للقراءة

ممر الحبوب خفض الأسعار وأعطى الأمل للمزارع الأوكرانيين