فرضت كازاخستان بعض القيود المؤقتة على صادرات القمح والدقيق لمنع نقص العرض في السوق الداخلية أثناء انتشار وباء فيروس كورونا. ومع ذلك، فإن المطاحن في كازاخستان أعربت عن قلقها من هذه القيود. وبحسب المطاحن، ستتسبب هذه القيود في زيادة العرض من القمح والدقيق في السوق الداخلية. ويعتقد أصحاب المطاحن الكازاخستانيون أيضاً أن الزيادة على الطلب على المواد الغذائية في الأسواق الخارجية قد تكون فرصة جيدة بالنسبة لهم للنجاة من الأضرار التي عانوها في الخريف.
تبرز كازاخستان كمركز رئيسي للنقل والخدمات اللوجستية في آسيا الوسطى. حيث تعد البلاد صلة الوصل بين الأسواق النامية في الصين وجنوب آسيا وبين روسيا وأوروبا الغربية، عن طريق البر والسكك الحديدية، وكذلك عبر بحر قزوين. تتمتع كازاخستان، آخر جمهورية غادرت الاتحاد السوفياتي، بموارد طبيعية غنية وإمكانات اقتصادية هائلة. وهي تاسع أكبر دولة في العالم بمساحة تبلغ 2.7 مليون كيلومتر مربع. ومع ذلك، يبلغ عدد السكان فيها 18.5 مليون نسمة، وهو أقل عدد سكان في الكيلومتر المربع الواحد.
لدى كازاخستان إمكانات كبيرة في مجال الزراعة نظراً لامتلاكها أراضي واسعة وخصبة. حيث يمثل قطاع الزراعة فيها 4.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 14.9٪ من إجمالي فرص العمل في البلاد. هناك نشاطات زراعية مكثفة في البلاد، لكن التنمية لا تزال محدودة بسبب بنيتها التحتية القديمة. أكثر من نصف المحاصيل المنتجة هي الحبوب والبذور الزيتية والقرعيات. وتشكل تربية الماشية وقطاع الألبان جزءاً مهماً من قطاع الزراعة. يمكننا أن نقول أن كازاخستان تكاد تكون مكتفية ذاتياً من حيث المنتجات الزراعية.
تعتبر كازاخستان أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق الحبوب والدقيق. حيث تصدر كازاخستان، التي تعد من بين أكبر 10 دول مصدّرة للحبوب في العالم، منتجاتها إلى أكثر من 70 دولة. أما أسواقها الرئيسية فهي دول المنطقة مثل أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وأفغانستان.
كانت كازاخستان وعلى مدار سنوات طويلة تنتج القمح والشعير وعباد الشمس فقط. لكن، تغير الوضع بشكل كبير خلال العقد الماضي. ففي حين انحسرت زراعة القمح، زاد إنتاج بذور الكتان والبذور الزيتية والشعير والعدس بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، زادت مناطق زراعة بذور الكتان من 556 ألف هكتار في عام 2004 إلى 1،287 مليون هكتار في عام 2019. وارتفع إنتاج الكتان الكازاخستاني في عام 2019 إلى 25٪ من الإنتاج العالمي والصادرات إلى 35٪ من إجمالي حجم التجارة العالمية.
تسبب حصاد القمح الوفير في عام 2012 لكازاخستان بانهيار بسبب عدم كفاية سعة منشآت التخزين. ونتيجة لذلك، بدأت الحكومة في تشجيع زراعة البذور الزيتية الأكثر قيمة لزيادة أرباح المزارعين وتنويع بنود تصدير. وهكذا، بينما زاد إنتاج البذور الزيتية بشكل ملحوظ في العقد الماضي، فقد انحسرت أراضي زراعة القمح.
من المتوقع في موسم 2020/21 أن تنخفض أراضي زراعة الحبوب والبقوليات بمقدار 193 ألف هكتار وأن تصل إلى 15.2 مليون هكتار. وتشير التقديرات إلى أنه سيتم زراعة 11,381 مليون هكتار من القمح.
تعافي في إنتاج القمح
لقد تم إنتاج 11.4 مليون طن من القمح في كازاخستان التي ضربها الجفاف العام الماضي. وبحسب تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية، من المتوقع أن يصل إنتاج القمح في البلاد إلى 13.5 مليون طن هذا العام. ويرجح سبب هذه الزيادة إلى زيادة الرطوبة في التربة بفضل سقوط الأمطار في أشهر الخريف والشتاء.
ويقدر أن صادرات القمح سترتفع إلى 6،7 مليون طن في الفترة 2020/21، بزيادة 700 ألف طن مقارنة بالعام السابق. إن أوزبكستان مرشحة لتصبح الزبون رقم واحد للقمح الكازاخستاني كما كانت في السنوات الثلاث الماضية. حيث تم شحن 35 ٪ من صادرات القمح الكازاخستاني في الفترة 2018/2019 إلى أوزبكستان. يقول التجار أن الطلب من دول آسيا الوسطى قد ازداد، لكن حجم الصادرات سيختلف تبعاً لحصص الكوتا. كازاخستان هي أيضا دولة مهمة في تصدير الدقيق، خاصة إلى أفغانستان. لكن، يشكو أصحاب المطاحن الكازاخستانية من أن أوزبكستان تنافسهم عن طريق تصدير الدقيق المنتج باستخدام القمح الكازاخستاني إلى أفغانستان.
الشعير
تشير التقديرات إلى أن إنتاج الشعير سيصل إلى 3.9 مليون طن في الفترة 2020/21. حيث كان الإنتاج في الفترة السابقة أقل بـ 100 ألف طن من هذا الرقم. وعلى الرغم من الانخفاض في الأراضي الزراعية، من المتوقع أن يتم الوصول إلى هذا الرقم بفضل الزيادة في المحصول. ومن المتوقع أن تقوم كازاخستان بتصدير 1.8 مليون طن من الشعير في الفترة 2020/21. وعلى عكس القمح وبعض منتجات الحبوب الأخرى، لم يتم تحديد حصة الكوتا الخاصة بتصدير للشعير في كازاخستان أو الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. حيث اشترت إيران 89 ٪ من الشعير المنتج في كازاخستان في موسم 2018/2019. ومن المتوقع ان يستمر الأمر على هذا المنوال. كما تعد الصين وأذربيجان من بين المشترين الجدد للشعير الكازاخستاني. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان هذا الوضع سيستمر على نحو منتظم أم لا.
حصص كوتا صادرات القمح والدقيق في كازاخستان
أعلنت كازاخستان حالة الطوارئ ضد وباء فيروس كورونا في يوم 16 مارس. وفرضت في نهاية مارس قيوداً مؤقتة على الصادرات من منتجات المواد الغذائية الأساسية. حيث تم فرض حظر على حصص كوات صادرات القمح ودقيق القمح على وجه الخصوص، ومنع أيضاً تصدير العديد من منتجات الخضروات والبذور الزيتية والحنطة السوداء. وأعلنت وزارة الزراعة الكازاخستانية أنه من المقرر أن تظل القيود سارية لغاية سبتمبر. وتقول الحكومة الكازاخستانية إن الهدف من القيود هو منع نقص العرض في السوق الداخلية والحفاظ على الاستقرار في الاقتصاد خلال هذه الفترة الاستثنائية.
لقد كانت خطة كازاخستان في البداية هي حظر صادرات الدقيق تماماً وليس تقييد صادرات القمح. لكن، ومع الأخذ بعين الاعتبار مخاوف قطاع المطاحن في كازاخستان، فقد تقرر اعتماد نظام حصص الكوتا في الوقت الحالي. حيث تم في أبريل 2020 تحديد حصة كوتا الدقيق بـ 70 ألف طن، وحصة القمح بـ 200 ألف طن. وفي شهر مايو رفعت وزارة الزراعة حصة كوتا تصدير الطحين إلى 150 ألف طن وحصة كوتا تصدير القمح إلى 257 ألف طن. يجب على المصدّرين ضمن نطاق نظام الحصص بيع في السوق الداخلية 30 في المائة من الكمية التي يبيعونها إلى الخارج بأسعار محددة مسبقًا. ويجب عليهم أيضاً تقديم طلبات حصص الكوتا عن طريق اتحادات المنتجين مثل، اتحاد المطاحن الكازاخستاني. ويتم حساب كميات حصص الكوتا للمصدّرين عن طريق ضرب إجمالي الحصة المحددة بإجمالي حصة المئوية للصادرات.
عدد المطاحن في انخفاض
يشعر أصحاب المطاحن بالقلق إزاء تقييد صادرات دقيق القمح. فبينما كان هناك 350 مطحنة نشطة في البلاد عام 2018، انخفض هذا العدد إلى 260 عام 2019. وفي حين بلغ متوسط صادرات الدقيق حوالي 2.8 مليون طن، انخفض هذا الرقم إلى النصف العام الماضي. يُذكر أن هذا الوضع سببه أوزبكستان التي تصدّر الدقيق بعد طحن القمح الكازاخستاني. وأراد أصحاب المطاحن الكازاخستانية تقييد صادرات القمح في عام 2019 للحد من القوة التنافسية لزملائهم الأوزبكيين. كما أن القيود على الصادرات هذا العام ستؤدي إلى زيادة العرض من القمح والدقيق في البلاد. ويقول أصحاب المطاحن أن ارتفاع الطلب على المواد الغذائية أثناء انتشار فيروس كورونا في الأسواق الخارجية قد يكون فرصة مواتية لهم للنجاة بعد الأضرار التي عانوا منها في الخريف.