ساعدت تركيا، التي في طريقها لأن تصبح ثاني أكبر مصدر لقمح المعكرونة في العالم في موسم 2023/2024، على سد فجوة العرض الناجمة عن الجفاف الثاني في السنوات الثلاث الماضية في أكبر مورد، وهو كندا، و شوهد في بداية الموسم أن ذلك منع ارتفاع الأسعار. إن الإنجاز غير العادي الذي حققته تركيا كدولة مصدرة للقمح القاسي أنقذ عشاق المكرونة من مشاكل الأسعار لمدة عام آخر. حيث تستعد تركيا لتصدير القمح القاسي إلى الأسواق العالمية في الموسم الجديد.
بحسب مجلس الحبوب الدولي ومقره لندن، فإن مخزونات القمح القاسي العالمية ستنخفض إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاثة عقود هذا الموسم. ومع ذلك، حالت الشحنات القادمة من تركيا دون حدوث عجز فوري وضمنت بقاء أسعار القمح القاسي متماشية مع انخفاض أسعار الحبوب الأساسية العالمية.
وفاجأت تركيا، التي كانت في السابق مستورداً صافياً للقمح القاسي الذي يدخل في صناعة المكرونة والكسكس وبعض أنواع الخبز في منطقة البحر الأبيض المتوسط، السوق بتصدير ما يقارب من 1.5 مليون طن من القمح القاسي حتى الآن في موسم 2023/2024 الذي ينتهي في شهر يونيو.
وقال أيكوت جويمن، رئيس الاتحاد التركي لمصنّعي المكرونة، في تقييمه للموضوع: زلقد غيرت تركيا اللعبة بدخولها الأسواق العالمية كمصدر للقمح القاسي. اأستطيع أن أقول إن هذا ليس شيئاً يحدث لمرة واحدة، وأنه من المستدام أن تصبح تركيا مصدّراً للقمح القاسي في السنوات المقبلةب.
وساعد محصول تركيا من القمح القاسي الذي جاء أفضل من المتوقع العام الماضي على تجديد المخزونات بعد الواردات الثقيلة بسبب ارتفاع التضخم والجفاف السابق.
وقد أدت الأسعار الجذابة للمزارعين والاستثمارات في مجال الري، بما في ذلك زيادة سعر الشراء في الولاية بنسبة 30% تقريباً في العام الماضي، إلى زيادة المزروعات والمحاصيل. كما أن ضعف الليرة التركية مقابل الدولار واليورو جعل القمح القاسي التركي أكثر قدرة على المنافسة في الخارج.
إنتاج المكرونة من القمح عند مستوى قياسي
مع زيادة زراعة المنتجين والطقس الجيد حتى الآن، من المتوقع أن يتجاوز إنتاج القمح القاسي في تركيا 4 ملايين طن، محطماً الرقم القياسي للمرة الثانية على التوالي هذا العام.
ويتجاوز هذا الرقم الاستهلاك المحلي السنوي لتركيا والذي يصل إلى 3 ملايين طن. وكان الطلب من صناعة المكرونة الكبيرة الموجهة للتصدير محدودا بسبب التحول إلى استخدام القمح اللين الأرخص ثمناً للأسواق التي تحركها الأسعار في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
ويقدر المحللون أنه حتى لو انتعش الإنتاج في كندا، فإن صادرات تركيا من القمح القاسي لموسم 2024/2025 قد تتجاوز مليون طن وستظل بلادنا مورداً مهماً للمواد الخام للمكرونة للعالم في الموسم الجديد.
توجه صانعو المكرونة الإيطالية نحو تركيا
في الأخبار التي نشرتها وكالة أنباء رويترز حول هذا الموضوع، أن الشحنات القادمة من تركيا، إلى جانب الكميات الكبيرة القادمة من روسيا وكازاخستان، كانت بمثابة شريان حياة لإيطاليا، المصدّر الأول للمكرونة في العالم. وقال فينشينزو ديفيلا، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة المكرونة الإيطالية التي تحمل اسمه، لرويترز: زاشترى منتجو المكرونة لدينا القمح القاسي من تركيا لأنه عرض علينا بأسعار تنافسية. فقد كانت لدينا مشكلة كبيرة مع كندا. وفي بلادنا انتهى هذا الموسم بكارثة بسبب الظروف الجوية والأمطارس. في حين يعتبر المحصول التركي خياراً جيداً في إيطاليا، إلا أن القمح القاسي الكندي لا يزال يمثل المرجع للعديد من المنتجين.
كما أن حقيقة انخفاض أسعار المعكرونة بما لا يقل عن الخمس إلى المستوى الذي كانت عليه قبل ذعر الجفاف في كندا في الصيف الماضي، يعد أيضاً مصدر ارتياح للمستهلكين. وأشارت شركة أبحاث السوق نيلسن إلى أن أسعار المكرونة بالتجزئة في إيطاليا انخفضت بنسبة 3.5% سنوياً في فترة الشهرين حتى 25 فبراير، ثم ارتفعت بنسبة 7.4% في عام 2023.
هل يمكن لتركيا أن تصبح مورداً مستقراً للقمح القاسي؟
في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا، أصبحت صادرات تركيا من القمح القاسي أكثر أهمية، حيث خططت أوروبا لوقف شراء الحبوب من روسيا مع فرض الرسوم الجمركية. وقالت سيفيرين أومنيس ميزون، محللة شركة Strategie Grains ومقرها فرنسا، عن الحظر المفروض على روسيا، التي تلبي خمس واردات الاتحاد الأوروبي من القمح القاسي في موسم 2023/2024: اقد يكون لهذا عواقب مهمة على القمح القاسي، خاصة بالنسبة لواردات إيطالياب.
إن الانخفاض في الزراعة في المناطق التي يتم فيها إنتاج القمح القاسي في أوروبا وشمال أفريقيا قد يجعل السوق أكثر اعتماداً على القمح القاسي المستورد من تركيا. ووفقاً للمحللين، فإن الجفاف الذي يؤثر على بعض أجزاء المغرب العربي وجنوب أوروبا يعتبر شديد القسوة حتى بالنسبة لهذا المنتج، الذي يحب الظروف الجافة والحارة في المنطقة. ومن المتوقع أن ينخفض محصول الحبوب في المغرب إلى النصف هذا العام. وفي فرنسا، قد تؤدي الأمطار الغزيرة إلى خفض مساحة قمح المعكرونة هذا العام إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2000.
وقال ألكسندر ماري، المحلل في شركة Argus Media، إن المستوردين استجابوا لهذا الوضع السيئ من خلال جمع القمح القاسي من تركيا وروسيا وكازاخستان، والذي وصفه بـ اكندا على باب أوروباب. ومع ذلك، بينما ذكرت رويترز أن مجلس الحبوب التركي ألغى مناقصة تصدير القمح القاسي في مارس، حيث أعرب بعض الخبراء عن حذرهم بشأن ما إذا كانت تركيا يمكن أن تكون مورداً طويل الأجل للقمح القاسي، نظراً لإمدادات الحبوب التي تنظمها الدولة والمخاطر المناخية.