تشير أحدث التقديرات للحبوب العالمية إلى توقعات إيجابية بشأن إنتاج الحبوب الرئيسية. لكن لا تزال أنظمة إنتاج المواد الغذائية العالمية هشة وتواجه مخاطر محتملة تتمثل في الظواهر الجوية المتطرفة، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، والتغيرات في السياسات. ومن الممكن أن تؤدي هذه العوامل إلى تعطيل التوازن الدقيق بين العرض والطلب، ويمكن أن تلقي بظلالها على آفاق تجارة الحبوب العالمية والأمن الغذائي العالمي بصورة عامة.
نشر المجلس الدولي للحبوب (IGC) مؤخراً تقرير سوق الحبوب لشهر يناير (GMR) الذي طال انتظاره، والذي يقدم نظرة شاملة لمحاصيل الحبوب الرئيسية المزروعة حول العالم. يكشف تقرير مجلس الحبوب الدولي عن منظور متفائل لإجمالي إنتاج الحبوب (القمح والحبوب الخشنة) في موسم 2023/24. حيث يتوقع المجلس أن يصل إجمالي إنتاج الحبوب العالمي، المكون من القمح والحبوب الخشنة، إلى مستوى قياسي قدره 2307 مليون طن بزيادة تقديرية بنسبة 2% مقارنة بالعام السابق، وذلك بسبب الانتعاش القوي في إنتاج الذرة. أما بالنسبة للاستهلاك العالمي للحبوب، فمن المتوقع أن يرتفع بنسبة 2% على أساس سنوي ليصل إلى مستوى 2314 مليون طن، مع وصول استهلاك الأعلاف والاستهلاك الغذائي والصناعي إلى مستويات قياسية جديدة. إلا أن المخزونات العالمية ستنخفض للعام السابع على التوالي، لتهبط إلى مستوى 590 مليون طن. ومن المتوقع أن ينخفض إجمالي التجارة العالمية، التي تشمل انخفاض شحنات القمح والذرة والشعير، بنسبة 3% على أساس سنوي إلى مستوى 415 مليون طن.
مخزونات القمح العالمية ستنخفض إلى أقل مستوى لها في آخر ستة مواسم
على الرغم من الانخفاض المنتظر في إنتاج القمح العالمي في عام 2023، فمن المتوقع أن يبقى العرض العالمي عند مستوى مريح في 2023/24 بفضل المخزونات الكبيرة المدوّرة. ومن المتوقع أن تنكمش تجارة القمح العالمية بشكل يعكس ضعف الطلب العالمي على الواردات، والاضطرابات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، وقلة العرض في بعض البلدان المصدّرة الرئيسية.
ويذكر تقرير المجلس الدولي للحبوب انخفاضاً بنسبة 2% في إنتاج القمح العالمي، متوقعاً أن ينخفض الإنتاج من 804 مليون طن في موسم 2022/23 إلى 788 مليون طن في موسم 2023/24، لكنه سيظل ثاني أكبر كمية إنتاج تم تسجيلها. ويعود سبب الانخفاض المتوقع إلى انخفاض الإنتاج في أستراليا وروسيا بعد أعلى مستوياته على الإطلاق في عام 2022، والانخفاضات الكبيرة المتوقعة في الإنتاج في كندا وكازاخستان. ومن المنتظر أن يتم تعويض هذه الانخفاضات بالزيادات في الإنتاج في الأرجنتين والهند والولايات المتحدة.
في موسم 2023/24 (يوليو/يونيو)، من المتوقع أن تنخفض تجارة القمح العالمية عن المستوى القياسي الذي وصلت إليه في موسم 2022/23. ومن المنتظر أن تنخفض تجارة القمح العالمية، التي بلغت مستوى 208 ملايين طن في الموسم السابق، بنسبة 5% نزولاً إلى مستوى 198 مليون طن. ويقدر المجلس أن الطلب على القمح سيرتفع بسبب الزيادة المتوقعة في استهلاك المواد الغذائية، خاصة في آسيا وأفريقيا، وسيصل الاستهلاك العالمي إلى مستوى 804 ملايين طن، في حين أنه كان عند مستوى 795 مليون طن في الموسم السابق. ومن المتوقع أن تنخفض المخزونات العالمية من القمح بمقدار 16 مليون طن مقارنة بالموسم السابق لتصل إلى مستوى 266 مليون طن.
الأحوال الجوية السيئة والتوترات الجيوسياسية
تشير التوقعات الأولية للمجلس فيما يتعلق بالعرض والطلب على القمح لموسم 2024/25 إلى حصاد أعلى قليلاً من العام السابق، مع احتمالية أن يكون الحصاد أفضل والذي يعوض الانخفاض المتواضع في المساحات المزروعة. ومع التغييرات التعويضية في المواد الغذائية والأعلاف، من المتوقع أن يصل الاستهلاك إلى المستوى القياسي المسجل في العام السابق وأن يتجاوز الإنتاج، مما قد يؤدي إلى انخفاض المخزونات إلى أدنى مستوى لها خلال ستة مواسم. ومن المتوقع حدوث انخفاض متواضع في التجارة، بما في ذلك أيضاً انخفاض في الشحنات المسلمة إلى الصين والاتحاد الأوروبي.
بسبب انخفاض التوقعات المتعلقة بكبار المنتجين الآسيويين، تشير التقديرات إلى أن إنتاج الأرز العالمي في موسم 2023/24 سينخفض بمقدار 10 ملايين طن مقارنة بالشهر السابق ويصل إلى مستوى 511 مليون طن، في حين يعزى صافي الانخفاض في العرض إلى انخفاض انخفاض أرقام الاستهلاك والمخزون، ويعزى الانخفاض بمقدار 5 ملايين طن في المخزونات العالمية مقارنة بالشهر السابق إلى الانخفاض في الأرقام الخاصة بالصين والمصدّرين الرئيسيين. وبينما بقيت التجارة دون تغيير عند مستوى 50 مليون طن على أساس شهري، فإن الانخفاض المتوقع بالنسبة للهند يقابله زيادات متوقعة لدى الموردين الآخرين.
تتحول ظاهرة النينيو المستمرة إلى حدث قوي من المتوقع أن يظل قوياً حتى الأشهر الأولى من عام 2024. ومن المتوقع أن يستمر تأثير ظاهرة النينيو، الذي تسبب في حالات الجفاف في مناطق مهمة من آسيا طوال عام 2023، حتى شهري مارس ومايو 2024. إضافة إلى ظاهرة النينيو، ستراقب أسواق الحبوب عن كثب تطورات الحرب الروسية الأوكرانية والصراعات الأخيرة الجارية في الشرق الأوسط.