BLOG

الاتجاهات والتوقعات في تجارة البقوليات العالمية

08 رمضان 14456 دقيقة للقراءة

ديانا سارونغبام
خبيرة الأسواق مجلس الحبوب العالمي (IGC)

في‭ ‬عالم‭ ‬الزراعة‭ ‬العالمية،‭ ‬تبرز‭ ‬البقول‭ ‬بصفتها‭ ‬مصدراً‭ ‬غذائياً‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬حيوية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬دورها‭ ‬التقليدي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الأغذية،‭ ‬تشهد‭ ‬البقول‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬من‭ ‬قطاعي‭ ‬الأعلاف‭ ‬ومعالجة‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بالنمو‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬البروتين‭ ‬النباتي‭. ‬تقدم‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬نظرة‭ ‬عامة‭ ‬شاملة‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬البقوليات‭ ‬العالمية،‭ ‬وتتناول‭ ‬أحدث‭ ‬الاتجاهات‭ ‬واللاعبين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬والتوقعات‭ ‬للفترة‭ ‬القادمة‭.‬

للبقول أهمية خاصة من ناحية الأمن الغذائي بسبب قيمتها الغذائية العالية، وتلعب دوراً متزايد الأهمية في التشجيع على الزراعة المستدامة بفضل قدرتها على تحسين صحة التربة وكفاءة استخدام المياه. بالإضافة إلى العوامل الديموغرافية والاقتصادية، زاد استهلاك البقوليات أيضاً في إطار بنية الطلب المتغيرة في السنوات الأخيرة.

بالإضافة إلى استخدامها التقليدي في قطاع الأغذية، يتزايد أيضاً استهلاكها في قطاعي الأعلاف ومعالجة المواد الغذائية، مدفوعة بسوق البروتين النباتي سريع النمو. وقد سجلت التجارة العالمية للبقوليات نمواَ مثيراً للإعجاب، حيث بلغ متوسطه 17.9 مليون طن في آخر عشر سنوات حتى عام 2022. أكثر من 65% من الطلب العالمي على الواردات تأتي من آسيا، حيث تُعد الصين والهند وتركيا وبنغلاديش وباكستان والإمارات العربية المتحدة المشترين الرئيسيين. تعد أوروبا وأفريقيا أيضاً مستوردين مهمين للبقوليات، وتمثل كلتا المنطقتين معاً حوالي 10% من تجارة البقول العالمية. بينما المنتجات التي تشكل غالبية الطلب الإجمالي على واردات البقوليات هي البازلاء والعدس والحمص.

تجارة البقول العالمية 

 مع بقاء الطلب قوياً، تشير تقديراتنا إلى أن تجارة البقول العالمية ستصل إلى 19.7 مليون طن بزيادة سنوية قدرها 8% في عام 2023 (يناير- ديسمبر). وفي مقدمة المنتجات التي تقود النمو في البقوليات، التي تشمل مجموعة واسعة من المنتجات، تأتي البازلاء والعدس، بزيادة ملحوظة في الأحجام. 


زادت تجارة البازلاء العالمية عام 2023 بنسبة 8% على أساس سنوي لتصل إلى 5.5 مليون طن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى زيادة الشحنات المرسلة إلى الصين. حيث ازدادت الشحنات إلى الصين، التي كانت قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات في العام السابق، بنسبة 13% على أساس سنوي إلى حوالي 1.9 مليون طن، وذلك بفضل الطلب القوي في قطاعات الأعلاف والأغذية ومعالجة المواد الغذائية. بالإضافة إلى الفائض الأكبر القابل للتصدير بفضل محصول 2022/23 الجيد في كندا، المورد الرئيسي، زادت الشحنات الروسية إلى الصين منذ بداية عام 2023 وحتى الآن وذلك بعد التوصل إلى اتفاق بشأن شروط الصحة النباتية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن مشتريات الاتحاد الأوروبي قد وصلت إلى أعلى مستوى لها خلال خمس سنوات عند مستوى 0.7 مليون طن، مما يعكس الطلب القوي على الواردات، وخاصة بالنسبة للبازلاء العلفية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انكماش العرض في إسبانيا. ومع ربطها بشحنات أكبر إلى آسيا والاتحاد الأوروبي، زادت صادرات البازلاء الروسية بأكثر من 50% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 1.6 مليون طن. واحتفظت كندا بمكانتها كأكبر مصدّر للبازلاء، حيث ارتفعت الشحنات بنسبة 7% عن العام السابق لتصل إلى 2.3 مليون طن، على الرغم من أن هذا الرقم هو أقل من متوسط ​​الخمس سنوات.

ارتفع الطلب على العدس بنحو الخمس على أساس سنوي ليصل إلى 5 ملايين طن، مدعوماً بزيادة ملحوظة في مشتريات الهند. وستواصل الحكومة الهندية سياستها الحرة في استيراد العدس حتى بداية عام 2025. بالإضافة إلى ذلك، كان المعروض من البازلاء الهندية في السوق المحلية محدوداً بسبب انخفاض المخزونات واحتمال ضعف حصاد موسم 2023/2024؛ ونتيجة لذلك، ارتفعت المشتريات للعام الثاني على التوالي لتصل إلى 1.3 مليون طن.


ومن بين المشترين الآخرين، زادت واردات تركيا من العدس بنحو الثلث تقريباً على أساس سنوي، لتصل إلى 0.8 مليون طن. وبالنظر إلى التجارة حتى الآن، يبدو أن الواردات خاصة من كندا كانت مرتفعة في النصف الأول من العام، ويعود ذلك إلى حد كبير  إلى ضعف المعروض وارتفاع الأسعار في السوق المحلية. وزادت صادرات أستراليا من العدس، حيث يتم إرسال معظم الشحنات إلى جنوب آسيا، بشكل كبير على أساس سنوي لتصل إلى 1.8 مليون طن، في حين زادت صادرات كندا بنسبة 4% لتصل إلى 2 مليون طن، وهو أعلى مستوى لها خلال السنوات الثلاث الماضية.

كان هناك زيادة متواضعة في تجارة الحمص على أساس سنوي بوصولها إلى 2.1 مليون طن، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع الطلب في آسيا، مع زيادة الشحنات إلى بنغلاديش وتركيا مع انخفاض واردات باكستان. وعلى الرغم من تباطؤ شحنات الحمص في أستراليا مقارنة بالعام الماضي، إلا أن مشتريات بنغلاديش شهدت ارتفاعاً طفيفاً على أساس سنوي، مع تعويض النقص في التوريد القادم من الهند. 

وصلت الشحنات من حبوب اللوبيا إلى 2.1 مليون طن (بزيادة 1% على أساس سنوي)، في حين ارتفعت شحنات ميانمار ارتفاعاً طفيفاً على أساس سنوي بسبب المحاصيل الجيدة والشحنات الكبيرة المتوقع إرسالها إلى الهند والصين.

عندما ننظر إلى منتجات البقول الأخرى، نرى أن التجارة بشكل عام ظلت مستقرة عند 2.2 مليون طن على أساس سنوي ، في حين أظهر حجم فاصوليا الكلاوي زيادة محدودة عند مستوى 1.6 مليون طن. وفي المقابل، يبدو أن الطلب على الفول قد انخفض بشكل هامشي على أساس سنوي إلى مستوى 1.2 مليون طن، خاصة ضعف الطلب من مصر.

نظرة عامة على عام 2024

بينما ستتأثر الكميات النهائية بالكثير من العوامل، من المتوقع أن يظل الطلب العالمي في عام 2024 قوياً بناءً على المشتريات من أكبر مستوردَين، وهما الصين والهند. ومن الممكن أن تظل واردات الصين مرتفعة لأنه من المتوقع أن يستمر الاستهلاك على الصعيد المحلي. وتشير التقارير أنه في الهند، قلت مساحة زراعة البقوليات الربيعية (المزروعة في فصل الشتاء) لعام 2023/24 عن العام السابق، مما قد يؤثر سلباً على كمية المحاصيل النهائية. بالإضافة إلى ذلك، خففت الحكومة الهندية سياستها التجارية المتعلقة بالبقوليات وألغت رسوم الاستيراد على البازلاء الصفراء لغاية 31 مارس 2024، بينما مددت الإعفاء الضريبي على العدس والبازلاء الهندية والفاصوليا الجافة لمدة عام تقريباً لغاية 31 مارس/آذار 2025. ومع ذلك، قد يكون هناك بعض الانكماش في العرض العالمي بسبب انخفاض إنتاج البازلاء والعدس في كندا، أكبر مصدّر في العالم، مقارنة بالعام الماضي. لكن قد يعتمد هذا أيضاً على المزروعات للفترة 2024/25، والتي تبدأ عادة في شهر أبريل. وبالمثل، تشير التوقعات الرسمية إلى انخفاض المحصول في أستراليا، ويرجع ذلك إلى حد بعيد إلى الظروف الحارة والجافة في المناطق الزراعية الرئيسية.


النتيجة

مع نموها بشكل مثير للإعجاب خلال العقد الماضي، بدأت البقول تحتل مكانة متزايدة الأهمية في سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية باعتبارها مصدر بديل للبروتين ومساهمتها في التنمية المستدامة للزراعة. وفي حين تبقى آسيا منطقة مهمة لقدرتها على تشكيل اتجاهات الطلب الأوسع، تكتسب البقوليات كذلك زخماً في عدد من المناطق الرئيسية الأخرى، خاصة في أوروبا والأمريكتين. ونتيجة لذلك، أصبحت البقول عنصراً أساسياً هاماً بالنسبة للمزارعين في العديد من المناطق، حيث تعد كندا وأستراليا وروسيا وميانمار والولايات المتحدة المصدّرين الرئيسيين للبقوليات. وبالنسبة للمستقبل، يتوقع مجلس الحبوب العالمي IGC مزيداً من النمو في تجارة البقوليات على المدى المتوسط، ويتوقع أن تزداد الأحجام من خلال المشتريات في قطاعات الأغذية والأعلاف ومعالجة المواد الغذائية. وكما كان الحال في الماضي، ستهيمن البازلاء والعدس والحمص على التجارة، والتي ستمثل في بعض السنوات ثلثي إجمالي الطلب على واردات البقوليات.  

مقالات في فئة غلاف الملف